عبدالله صادقي
موسم قطف الفراولة
سموها حسناء لكن حقيقة لم تكن كذلك فهي فتاة بدون مميزات عادية جدا بجسم شبه قزم شهدت ولادتها إحدى البوادي المنسية بالجنوب المغربي، هي الصغرى وسط أسرة فقيرة ستة أخوة وأب معاق نتيجة حادثة وأم مقاتلة تشتغل باستماثة في الحقول لتضمن إطعام كل الاسرة ،
تزوجت ابنتهم الكبرى واسمها نزهة في سن مبكرة ولم تتجاوز الخامسة عشرة من عمرها من رجل يكبرها بعشرين سنة ، كان فقيها و خياطا في نفس الوقت ، كانت الام وكأنها وجدت الحل تخرج للعمل و تبعث بالابناء عند أختهم المتزوجة لكي تهتم بشؤونهم في غيابها وطمعا ان يقوم الفقيه بمساعدتهم في إنجاز واجباتهم الدراسية لكن هيهات ، فنزهة سرعان ما ضجرت ولهم تنكرت عاملتهم بقسوة حتى مارست عليهم العنف الجسدي واللفظي بمباركة زوجها الفقيه الذي شعر وكأن بيته الضيق تعرض لقواة غازية من الأطفال . نزهة تكلف اخوانها باشغال شاقة حتى وان لم تكن هناك حاجة لذلك رغم صغر سنهم و نفس المعاملة لقوها من الفقيه ، الام لم تكترث للامر فقط تكتفي بضخ المال لابنتها من أجل اطعام اخوانها وبداخلها غصة لم تفصح عنها .
كبر الإخوة ووجدوا أنفسهم بدون تعليم ولا رعاية فاتحدوا و انتفضوا ضد الاخت الام والظلم وغادروا لمدينة الدار البيضاء للعمل بأيعاز من اخيهم عبد القادر وكان هو الأكبر عمره حينها ثمانية عشرة سنة .
بقيت حسناء الأمية مع اختها كخادمة وعندما تصارح امها بما تقاسي تجيبها بحنكة وحكمة اختك كأمك و عليك احترامها .
كبرت حسناء وبلغت سن الثامنة عشرة وجسدها لم يتغير كثيرا و تقدم شاب لخطبتها وبدون تفكير وافقت للهروب من الواقع المر الذي تعيشه ، الزوج فقير و عاشت معه وامه كخادمة في وضعية مزرية زادت من مأساويتها انجابها لطفلة كان مصيرهما معا الطرد بعد توصلها بحكم التطليق ومستحقاتها من طلاقها كانت زهيدة تبخرت في ظرف تلاثة اشهر .
رجعت مقهورة وطفلة لم تكمل السنة بخفي حنين من زواجها مرغمة لبيت اختها لنفس المعاناة و المأساة محاصرة بكلمات كخنجر تقطع احشائها وتنزف قلبها هي دوما نفس الكلمات الطلاق مدلة وصمة عار لكل امرأة .
تبخر الزوج و مرت الايام وتولدت لديها فكرت الهروب حتى يوما قررت وفرت لتجدت نفسها منبهرة بالدار البيضاء وشوارعها وكانها محض خيال فابتهجت كطفلة وهي تتسلل من شارع لآخر حتى فاجئها الظلام لقد حل الليل ووجدت نفسها وحيدة مع ابنتها يبكيان ، تقدم رجل شرطة و سالها عن حالها فقالت له انها خائفة و لا تعرف احدا في هذه المدينة العملاقة ، ادخلها الشرطي للمخفر واشترى لهم عشاء وكان عمل إنساني رام من ورائه الثواب
حل الصباح فخرجت و شكرته على موقفه الرجولي.وجلست على الرصيف تستجمع افكارها فاجأتها متسولة بالسب ونهرتها وطالبتها بافراغ المكان ، لم تفهم شيئا ولا الداعي لذلك في البداية حتى وقف رجل و مد لها قطعة نقدية من فئة 100 درهم تعاطفا مع ابنتها ففرحت بها كثيرا لكن فرحتها لم تدم طويلا حين اختطفتها منها المتسولة .
جلست تفكر و قالت في نفسها ، اجلس في هذا الرصيف و كل من مر يعطيني نقودا، لم تطل التفكير حتى توقفت سيارة ترجلت منها سيدة سالتها عن حالها وماذا تفعل على الرصيف ، بكت حسناء من القهر وقالت لها بأنا مطلقة و ابنتها لا زالت رضيعة وانها ترغب في الاشتغال بعرق جبينها في الحلال ، قالت لها السيدة ما رايك ان تذهبي معي للمنزل و تعملين كمساعدة لامي مقابل 500 درهم ، توجست خيفة في البداية و لم تأمن للسيدة لكن لم يكن لديها خيار آخر فذهبت معها و بالفعل اشتغلت بمقابل و كانو نعم الأسرة يعاملونها احسن معاملة.
مرت الايام واثناء تسوقها كما العادة إذ بها تصادف أخاها الاكبر تفاجئا معا وبدون عناق سالها عن ماذا تفعل هنا في الدار البيضاء ، أجابته باستنكار لما تسالني الان ، لماذا لم تسال عني من زمان لما تركتموني وحيدة وسط الجحيم .هل أنا لا استحق الاهتمام ، انا و ابنة الان و لم تعلموا عني شيئا ولم تعيروني اهتماما .
اطرق طويلا ثم بنبرة حزن أخبرها ان والدتها مريضة جدا ، وأضاف قد بحثنا عنك في كل مكان ، هو الان بمحض الصدفة ان التقينا و لما ليس معك هاتف ، أخبريني وانت في بلاد الغربة . الا تعلمين اننا في القرن الثاني والعشرين ، الا تخجلين ، كنت هناك في القرية قالت وحصلت معي أشياء ولم يكترث احد لامري منذ كنت طفلة حتى بعد زواجي ، وعندما هربت انا وابنتي كالطريدة كاني لقيطة او بي لعنة لم ينتبه لي احد ، خاطبها بنبرة حزينة والدتك تبكي و تريد رايتك ، اتصلي بها هاهو الهاتف ، شغله قالت انا لم تلامس يداي هاتف من قبل ، اجد صعوبة في تهجأة الحروف والارقام كما انني لا اجد في نفسي الرغبة لاشتري هاتف لكن الآن أصبح لزاما علي ، لكن لا مجيب فقط يرن قالت الا تسمع ، وانشغل فكرها عن امها فتعجلت السفر لقريتها .
رجعت ما شعرت بنفسها الا وهي في بيت أمها لكن لا أحد ، صرخت بأعلى صوتها اممكن ان تكون امها قد ماتت ، فجاة شرع الباب بقوة ودخلت الام مسرعة لتقول لها ما بك افزعتيني ، هوت حستاء على الأرض من طولها و غابت للحظات فأسرعت الام وقطعت بصلة ووضعتها تحت انفها فاستفاقت مرعوبة وبادرت امها باستفسارها ، انت لست مريضة ، اجابت الام متفاجئة ، الشر بعيد اعلم من اخبرك بذلك فقط هو ارادك بجانبي ، لقد بدأت اتعب لقد أخبرني بما اوهمك ، لم ترد جميلة بل تمددت وابنتها على الفراش وغاصت في نوم عميق .
كانت تنوي رؤية والدتها و الرجوع للعمل في الدار البيضاء ، لكن والدتها اصرت عليها بالبقاء ، و قالت لها إن أردت أن تشتغلي فليكن في المصنع المجاور ، فهم يحتاجون لعاملات لكن دعي ابنتك معي ، ذهبت للاشتغال في معمل السمك لقد كان لزاما عليها العمل لتحمل مصاريف ابنتها .
ذات يوم و النساء يشتغلن سمعتهن بالصدفة يتكلمن عن هجرة العاملات المغربيات للاشتغال بحقول الفراولة بإسبانيا ، فسألتهن كيف يتم ذلك ، أجبنها بتهكم انت دوما آخر من يعلم ، اسرعي انه اليوم الأخير للتسجيل ، فانطلقت كالسهم و عملت كل ما في وسعها للتسجيل ، وثم لها ذلك بعد مخاض عسير .لكن اخبروها بضرورة حصولها على جواز السفر..
من اين لها ذلك و ليس عندها حتى مايكفيها لقوت يومها ، استنجدت بامها لتمدها بالنقوذ ، فحصلت عليها وذهبت بعد أيام لإسبانيا لتشتغل بمزارع الفراولة تاركة طفلتها عند أمها.
عالم مختلف لا الوجوه ولا اللغة ولا الطبيعة تشبه بلدها ، وجدت نفسها غريبة حتى بين بنات جلدتها ، تهكموا عليها كلهن من شكلها صبرها واستماثتها في الشغل فلقبوها بالوزغة واستغلوها في المطبخ سوء استغلال ، فهي بطبعها مسالمة لقد شعرت انها غير مرغوبة .
ذات يوم عطلة دعوها للخروج معهم للتسوق في المحلات التجارية الكبرى ولما وصلوا للمول اخبروها ان الحافلة التي ستعيدهم للمزرعة ستتواجد مع الساعة الثامنة ، فابتهجت انفصلت عنهن وتنقلت بين الأروقة وتبضعت قليلا فلم تشعر بالوقت يمضي حتى اشتغلت الاضواء ، فاضطربت ايكون قد حل الظلام هي السابعة والنصف فقط ، لا زال لديها وقت للتسكع والتبضع لكن فضلت الخروج للباب لتلاقي صديقاتها ،، بدأت تجول ببصرها في الإرجاء ، لا صديقات لا وجود لهن ، هي الثامنة الان اين الحافلة تسائلت ، اصبحت الثامنة والنصف لا صديقات ولا حافلة ، توقفت حائرة ، ايمكن ان تكون الفتياة قد غررن بها وشعرت انها منبودة ، و اين ستتجه الان و ليس لها وجهة تعرفها ، ولم ترى وجوها مألوفة لتسألهم عن مزرعة الفراولة حيت هي تشتغل.
وقفت بجانب الطريق تبكي بتخفي ، لقد أصبحت دمعتها سهلة و خشيت ان يلاحظ دموعها غريب إذ به يتوقف بجانبها هذا الغريب ، هو رجل أشقر رياضي عادي ووجهه يتصبب عرقا و كلمها بالإسبانية ، لم تفهم ما يقول لكن تلعتمت اسم المصنع ، ابتسم وقال لها بالإشارة انتظريني هنا وانطلق مسرعا .
عاد الغريب بعد نصف ساعة في سيارة أثارت انتباهها بلونها وخطوطها الرياضية وتوقف بجانبها ، لقد غير لباسه ، أنيق ووسيم وترجل مسرعا وفتح باب السيارة ودعاها باشارة للصعود ، بدون تردد ركبت ، ليس لديها خيار .
قاد في صمت ، شغل موسيقى وبدأ يغني بلغة لا تعرفها، ارتاحت قليلا واطمأنت ، أنه يبدو شخص متزن بأخلاق، تذكرت الآن الطريق ، لقد شارفت على الوصول ، تكلم هي لم تفهم فأشار بيده لصدره قال أنطونيو، فهمت انه إسمه ابتسمت وأشارت باصبعها لصدرها قالت حسناء ، إبتسم وحاول أن ينطق الاسم لكن اضحكتها لهجته فضحكت وضحكوا معا لقطة لم تمر دون أن تلتقطها عيون بعض صديقاتها وهن يتفحصن السيارة ومن بداخلها ، نزل وفتح الباب لها فترجلت شكرته بلغتها دون أن يفهم ، انحنى احتراما وانصرف .
في الصباح تتبعتها العيون الجريئة الغير بريئه، لم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل خاطبتها إحداهن بلؤم قالت لها كيف تسمحين لنفسك أن يوصلك رجل غريب عجيب أمرك ، تدعين البرائة وأنت شيطانة ، لم تعر قولها اهتماما فهي أعلم بنفسها منها لكن آخدت صديقاتها على الفعل الشنيع الذي اقترفوه في حقها لما تركوها وحدها في المول ، عيب عليكن قالت وانصرفت لعملها الشاق برشاقة كانها تذهب لاستراحة ، شعرت بشئ جميل في أعماقها .
في المساء وهن يغادرن المزرعة إذ بها تلاحظ الرجل الغريب الذي اوصلها ينتظرها وحاول أن يكلمها ، لم تفهم ما يقوله فتعجلت الإنصراف بعد أن طلبت من صديقتها أن تشكره مكانها عن لطفه لما أوصلها ، لحقتها الصديقة وهي في حالة ذهول وقالت لها الرجل طلب رقم هاتفك ، رفضت لكن تحت إلحاح صديقتها أعطته رقما خطأ .
في الغد عاود انتظارها ، يظهر أنه لم يستسلم و قال لها أريد رقمك ، فكرت قليلا و قالت ربما يريد مساعدتها ، أعطته الرقم في ورقة وقالت لصديقتها أن تخبره بالحرف أن حسناء جائت لإسبانيا للاشتغال بعرق جبينها وأنها امرأة مطلقة و عندها بنت صغيرة فقط اتت لاسبانيا لتحسن وضعيتها المادية لا أقل ولا أكثر . رد الغريب لتخبريها سيدتي رجاءا إنني أريدها للزواج وأنا صادق ، اندهشت الصديقة وهي تخبر حسناء أن انطونيو يرومها للزواج ، رفضت في البداية قالت لها قولي له بالحرف إنني كرهت الرجال ، إنني مررت بتجربة قاسية ولا أريد أن أعيش الأحزان من جديد ، خاطبها عبر صديقتها إنه معجب بها ويريدها للزواج ، بعد تفكير طويل و عميق وافقت بشرط أن يدخل الإسلام فوافق على الفور .
مرت مدة ومرارا التقوا ولم يسئ معاملتها بل أخذها لزيارة عائلته أمه وابيه الذين لم يتأخروا ولو مرة في إظهار إشارات الترحيب بالوافد الجديد ، كانوا كرماء وكان شهما نبيلا .
تم الزواج وعندما ذهبت لبيتها الجديد انصدمت ، مليء بقارورات الكحول ، الكحول في كل مكان و الثلاجة مليئة بلحوم الخنزير ، يا إلهي قالت له ، لن أستطيع العيش في هذه الظروف ، قال لها بالحرف افعلي ما تشائين ، هو بيتك ، استبشرت خيرا.ورتبت البيت بمزاجها واستخلصت أوراق إقامتها بالديار الإسبانية ، لقد اكتسبت الجنسية .
جاءت العطلة و قرروا السفر للمغرب ، استقبلتها امها على مضد ارفض هذا الزواج قالت ، لم تستسغ أن ابنتها تتزوج نصراني، أمي أقسم لك أنه مسلم ، لم أكذب عليك ، فرحت به الأم ، رحبت به ، لقد أصبح عضوا من العائلة خاصة بعد أن ذأب على الذهاب للمسجد ، أخاها الأكبر كان له رأي مغاير ، صمم على الرفض ولم يعاود الزيارة ، ، أما ابوها فهو لا يعلم ما يجري حوله
اقتربت العطلة من نهايتها وحسناء رغم كل الذكاء لم تجد حل لقد أرهقها التفكير و توبيخ الضمير فكيف لها ان تعود لإسبانيا و تترك وحيدتها باكية و سكنها القلق و اصابها الارق فاصبحت دوما شاردة الذهن .
قررت في الاخير اشراك زوجها في ما يشغل بالها فركزت في عينيه لتقرأ الجواب قبل أن يتكلم و قالت أنا مرهقة تعبت من شدة التفكير و اريد اخذ ابنتي معي لاسبانيا ، و اردفت هو المشكل ان أباها لن يسمح لها و لن يوافق على ان معي اصطحبها و اطرقت ، فسارع و ضمها اليه برفق مبتسما وقال انا معك في كل ماتقررين .
ذهبت في اليوم التالي عند طليقها و الالم يعتصرها و قالت له ان ابنته مريضة و تلزمها عملية جراحية خارج المغرب ، كانت تريد اقناعه باي وسيلة ليسمح ان ترافقها ابنتها في رحلتها ، قال لها الطليق بهذه العبارة الجوفاء الرخيصة :
ليس عندي بنت أنت وشانك .
رجعت بائسة يائسة عند زوجها تجر خيبتها ، لقد تذوقت مع طليقها عصارة كل كؤوس المرارة لكنها لم تستسلم بل زادها موقفه إصرارا .
تقريبا لم تنم تلك الليلة لقد تضاربت الافكار في راسها حتى كاد ان ينفجر و خطرت لها فكرة جنونية وابتسمت .
في الصباح دون تودد ولا تردد باغتت زوجها بفكرتها مركزة على عينيه واسترسلت ما توقفت وقالت اننا سنعطي للبنت منوم ثم نضعها في حقيبة كبيرة لنمر المائة متر الفاصلة بين السيارة والباخرة ، صمت الزوج طويلا ثم قال لها لك ما تريدين وعلامة الاندهاش بادية عليه .
عقدوا عزمهم جهزوا انفسهم وغادروا بيت الام ودموع متحجرة في مقلتيها .
وصلت الأسرة للجمارك و من بين خمس سيارات سبقتهم تعرضت سيارتهم وحدها للتفتيش فالكلب المدرب تسمر عندها وبدأ بالنباح ليكتشف الجمركي الفتاة نائمة كسلعة مكورة ليحملها برفق و ثم اعتقال الأبوين على الفور بعد أن تم اسعاف الصبية لتستفيق و رفض الاستماع لأي توسلات او تبريرات من الام ليتم تحويل.المعتقلين للنيابة العامة بتهمة الاتجار في البشر ،
امام الوكيل اعترفت حسناء و قالت هي ابنتي أنا امرأة مطلقة ، هاجرت لإسبانيا لاحسن من وضعيتي المادية وتركت ابنتي بالمغرب مع امي .
بإسبانيا تعرفت على زوجي الحالي هو الشخص الماثل امامكم الان ، حصلت على الجنسية الإسبانية و استلمت ورقة الاقامة و كونت أسرة هناك لكن رغم فرحتي يزوجي وعائلته دوما بعد ابنتي عني المني لقد نغص علي حياتي فأنا لا اقدر ان أعيش دونها .
قال لها المدعي :
أنت لا تخجلين سيدتي الا تتخيلين حجم الجرم الذي اقترفتيه ، انك سيدتي متهمة باختطاف صبية وتمريرها لبلد أجنبي دون اذن ابيها و دون جواز سفر و سنحتجزك الان فأنت رهن الاعتقال .
بكت وبكت ابنتها وقالت الصبية بالحرف :
لا تحرموني من ماما ،
لم تتوقف الام والأبنة عن البكاء ، تبادل المجلس النظرات و بعد مشاورات مطولة بين أعضاء المحكمة قرروا انه يتوجب على المتهمين اداء غرامة مالية كبيرة و حجز سيارتهم .
ليس لدى الزوجين ما يكفي من المال فاجرت حسناء اتصال هاتفي وحيد حيث اتصلت بأب زوجها و قالت انه قد حصلت لهم حادثة اثتاء طريق العودة وأنهم بخير لكن السيارة تحتاج لاصلاحات متعددة فورية فحسناء لم ترد ان تزعجة بتفاصيل الواقعة فقط طلبت منه المال و هو لم يتردد .
في نهاية اليوم أدوا الكفالة و خرجوا من المحكمة و غير بعيد جلسوا في حديقة ، تنهدت حسناء و اطرقت طويلا مغمضة العينين ثم رفعت رأسها و نظرت في عيني زوجها مباشرة وقالت له انها مصممة فهي لن تعود لإسبانيا دون ابنتها لن تقدر لن تستطيع وغاصت في حالة هستيرية من البكاء ليضمها و بشبه همس قال لها اتودين تدمير ما بنيناه فأنا احبك و احب ابنتك لكن يلزمنا وقت للتفكير ، كانت كلماته هادئة خففت قليلا من روعها .
عادت و زوجها لإسبانيا تاركة قلبها وابنتها في المغرب ولم يهدأ لها بال من حينها بل اصابها الارق وفارقتها الابتسامة لاستحالة استعادت ابنتها كما خالت قالت ابدا أبوها لن يرضى ان ابنته يمكن ان تعيش في اسبانيا فقط لاغاضتها ورغم مرور تلاثة شهور على عودتها من المغرب لم يتغير شئ بداخلها فلقد سكنها الحزن والاسى ما طاب لها المقام وما استقام لها حال حتى ذات يوم فجأة اتصل اخوها وذلك منذ ان فارقها رافضا زواجها بالإسباني و قال لها بالحرف يجب ان ترفعي قضية و تاكدي من خلالها ان طليقك لا يزور ابنته و يلزمك شهود و ساتكلف بكل شئ فقط ارسلي لي توكيل و فعلا كان مسؤول وتكلف بالامر كما وعد وبعد جلسات ماراطونية حصلت على شهادة ثتبت ان الاب غير مكثرت بمصير ابنته ولا بشؤونها و بالتالي تسقط عنه الحضانة ، وارتسمت بذلك على وجهها اول ابتسامة منذ عودتها لاسبانيا حتى انها صدرت منها زغرودة حينها بها كسرت صمت البيت والقرية فضحك الزوج والجد والجدة و اخيرا تحقق الحلم قالت .
لحقت البنت بامها بعد مدة فسجلتها بسرعة بالمدرسة في انتظار حصولها لها على اوراق الاقامة وفي تلك الاثناء شعرت بتغيرات في جسدها فقد لاحظت بوادر الحمل فانشرحت وقالت ربي كريم ضاعف فرحتي سيرزقني بمن يؤنس وحشت ابنتي ويزيد من بهجة البيت .
انجبت طفلة سمتها مريم وكانت خير مؤنس لجميلة ولو أنها تكبرها بخمس سنوات .
مرت الايام و السنين و كبرت البنتين فاصبحت جميلة في الاعدادي وبدات تلاحظ ان لقبها مختلف عن لقب اختها فتسائلت في نفسها عن السبب ربما هي مسألة ترجمة من العربية للاسبانية قالت لكن ما اقتنعت لتبادر بسؤال امها التي راوغتها واقنعتها انها مسألة ترجمة فقط والألم يعتصر قلبها إلى أن علمت ذات مرة ان زوجها السابق تزوج بالمغرب و عنده ولد فاقشعر بذنها وصرخت يا إلهي ماذا لو ان ابنتي كبرت و التقت باخيها فالدنيا صغيرة وقد تتكون بينهما علاقة ولن أعرف إلى أي مدى قد تصل فاضطرت ان تتصل باختها وشرحت لها المسألة وطلبت منها ان توصلها بزوجة طليقها التي هي ايضا استشعرت هول القضية .
صارحت حسناء ابنتها جميلة بالقصة كاملة واعطتها رقم هاتف ابيها لكن البنت لم تحرك ساكنا بقيت مصدومة لم تستوعب فعلا ما تقوله امها اممكن ان يكون يوسف ليس بابيها فهي لم تعرف ابدا سواه وهل حتى الجد والجدة هما ايضا كذبة لا تمت لهم بصلة وهم من ابدا لم يتوانوا في تدليلها حتى أكثر من مريم ويقولون لها انت اكبر منها تستحقين الاثمن ودوما يصطحابنها معهم في نزهاتهم الطويلة .
بعد صمت طويل اخذت جميلة ذات ليلة الهاتف وطلبت اباها وأجاب من المتكلم فلم تجبه الا دموعها وبعد حشرجة استطاعت أن تكون جملة وله قالت لماذا لا اعرفك ولماذا ابدا لم تسال عني ولم يرد فقط اجابتها دموعه وانقطع الخط.
قالت حسناء انها اكملت حياتها بثقة وسط بيتها كانت فيه الملكة مشمولة بحب زوجها ابدا ما اساء معاملتها او قلل من قذرها فنسيت طليقها واندمجت في مجتمعها الجديد متشوقة دوما لزيارة المغرب متذوقة حلاوة جنسيتها المزدوجة فالاسبان في قريتها طيبون احبوها كثيرا حتى لقبوها بحبة الفرولة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق