الرسالة الأخيرة إلى ميلينا
ميلينا
هذه آخر رسائلي إليكِ
و أرجو أن تحترمي قراري
مرغما أكتبها لكِ
و أكون كاذبا لو ادّعيتُ
أنّه خياري
كان بودّي أن أكتبكِ
كي تصيري للكون ضياء
فيهمس للشمس " أما تغاري ؟"
كان بودّي أن أكتبكِ
حتّى تصبح كلماتي في عشقكِ
ميثاقا بين البحر و البحّار
يا وشما وضعته على صدري
و ختما أذيّل به أشعاري
ميلينا
سابح أنا في بركة من حزني
تطوّقني رسائلي إليك
تجلدني بسوط من نار
تعاتبني على عشقي
و تثور رافضة قراري
سابح أنا في بركة من حزني
عينايا غابة أغرقتها أمطاري
أتخفّى، ألعن ضعفي
يتلحّفني اللّيل كستار
بالامس كان عرّاب عشقنا
و اليوم يداوي انكساري
يقول بربّكَ تماسك تحمّل
كن قويّا بالصّبر تجمّل
فلا أروع من مركب الحبّ
يفرد أشرعته
ولا أقسى منه حين يلقينا
في قلب الإعصار
ميلينا
مازال قلبي بحبكِ متوهّجا
لم يدرك بعد أننا في نهاية المشوار
ما زال يحلم بدعوتكِ للعشاء
و أن يرتشف عطرك الأخّاذ
ثمّ يقفز عصفورا ضمآنا
في بركة نهديك ليشرب الماء
كان يحلم في سعادة
وكنت أسعد لسعادته
كأنّكِ حضرتِ العشاء
ما أصعب غربة القلبِ ميلينا
حين يصير الحلم هباء
ميلينا
أرجوكي لا تحزني
لا تذرفي اللاّزورد
فتذيبي أضلعي
أنا من جرحي اكتفيت
و من تنهّدي
آه يا حبّي الأوحد
يا قصيدتي العصماء
بورك عشقك وحيا من السماء
لم يدرك لذّته أحد
عدى الرّسل و الانبياء
و لولا خشية ربي لقلتُ عنكِ
طيف مريم العذراء
ميلينا
يا مسحة من النّقاء
و قبسا من الضّياء
يا وردتي الحمراء
لا الحزن يعرف حزني
ولا الألم عايش ألمي
حوّلني الوجع صخرة صمّاء
لا تبكي و لا تعتذري
فأنت فوق الاعتذار
فوق البكاء
يا زهرة المانوليا
و أميرني الحسناء
بل أنا من يعتذر
إن تجرّأتُ و طلبتُ تقبيل القمر
أو خدشت مشاعر الحمام
حين أطلتُ - رغما عنّي -
لجمالكِ النظر
اعذريني فأنت أجمل من الجمال
و أغلى من كلّ البشر
أو ربّما تخطّيت حدودي
و دعوتكِ بسذاجة الأطفال للسّفر
أو وعدتك بشيء أكبر منّي
كأن أهبك إكسير الحياة
و أهديك إحدى الجزرة
أن أبني لك في السّحاب بيتا
لبنته من زبرجد و درر
أعذريني فقد كان ذاك محض حماسة
فأنا في الحب أغدو طفلا
يكذب ببراءة ثمّ يصدّق الخبر
أحببتكِ ، أحبّكِ و سأظلّ
لجمالك حارسا
و لقلبك النّقيّ ظل
سأذكرك لأبنائي و أحفادي
بل سأجعلك في العشق أسطورة
و أضيفك حقبة من تاريخ البلاد
ميلينا
عُشّاقكِ يسألونني عنكِ
فكيف سأشرح لهم أنّي
حدّ الثُّمالة من الوجع اكتفيت
و أنّي ما حضيتُ بحبّكِ لحظة
ولا من ينابيعكِ إرتويت
و كيف سأقنعهم يا غاليتي
أنّي في بعدكِ انكسرت
أنّي من بعدكِ انتهيت
انتهيت .....
بقلمي حسن المستيري

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق