لن أغادر الميناء ...
===================
في هذا المساء تأخرت الشمس عن الغروب..انتظرت طويلاً أمام الميناء ..كان النجم القطبيّ يُعاندني يرسم لوناً قرمزياً..كما زهر الرمّان...أمواج البحر تجلدُ الحجارة الضخمة برعونتها .. تنكسر عند أقدامها..ومنها ما يتجاوز رذاذها..إلى الشوارع البعيدة...
مطر وبرد ..ورياح تزعجني ..وأنا الوحيد على تلك الصخرة .. في عتمة ليلٍ واختفاء القمر .
لا أكترث لهذه الأنواء ..فقد تأخر القارب عن موعده...وعاد الصيّادون جميعاّ..إلاّ قارب أبي ..
لقد رأيت الدموع في أعينهم ..رأيت ارتجاف شفاههم ..وكلمات لاحروف لها..تخرج من تحت ألسنتهم ..
لن أغادر الميناء ..سأبقى فوق تلك الصخرة ..أنتظر . لا البرد يهمّني ..ولا المطر ..أبحث عن تلك النجمة ..عن كلمات أبي معطّرة برائحة الحبق البرّي..وشبكة صيد.. أتقن حبكها ..وعيونه العسليّة..وقد أتعبها السهر .. ورائحة التبغ وسجائر .. أعدّها قبل يومين من رحلته ..
لم يخطر ببالي ..أنه سيكون اليوم الأخير لرؤيته ..وأنّي لن ٱكل السمك المشويّ بعد اليوم ..أمّا القارب فمازال بعيداً..
وصوت حزين يهمس لي ..يابُني ..لقد ابتلعه البحر ..
نظرت إلى الخلف..وقد أعلن الفجر صحوته..
الصيّادون واقفون لصلاة الغائب على جنازة لن تحضر ...
أما أنا..فقد حملني إخوة له ..إلى فراشي..لأنام وأصحو وحيداً ..بقيّة عمري.
بقلمي.الٱن.
معاد حاج قاسم.سورية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق