بوح : حفيف الحلم لا كوابيس اليقظة.
===================. ====
للبحر عمق لا يدركه إلا المضطلعون بفن الغوص ، وللموج خيوط خفية لا يتقنها إلا الموج نفسه ، وللجالس فوق أنقاظ الذاكرة لغة منفجرة متفجرة تحاول بناء أسوار من المعاناة حول عنقي وأنا الهارب دوما من قيود المؤسسات ،احاول أن أستجدي تفاصيل الغياب ، أحاول أن أكون (أنا) بكل الشغف والشغب ففشلت،فنلت شرف المحاولة ، تذكرت فجأة مدينتي في حضوري الغائب ، فنعيت ترابها العطشان لماء البحر ، فلا بحر في مدينتي كي أقول للنوارس خبئيني ، ولا حبر بلا حرب بين حروف البحر ... هنا بشاطئ عين الذئاب حيث اختفت الذئاب وبقيت العيون تغفو بين أحضان العشق بكل الوانه ، أرى على شاشات الشاطئ كل الأشكال وبكل الصيغ ، سقوط ونهوض ، ارتطام الذاكرة الطفولية بكل هذا الزخم من اللامعنى ، أشتهي كل النساء وهن يشتهين غيري ، لا معنى للبحر في الشاطئ بلا دفء أنثى، بلا سفر في وجع الطحالب الممتدة الى أقصى الروح ،أمشي بخطوات عجلى كي لا تبتلعني اللحظات البطيئة ،على الضفة الأخرى مدينة بلا ذاكرة ،تعيش لحظتها بكل عنفوان ،أرجل لا تكاد تراها من كثرة السرعة ،وعيون شاخصة نحو مرايا غير مرئية.
كان الجو مساء ،كل العابرين فيها ينتعلون ضباب الفتنة الخرساء ،وسط المدينة المغناج يرسمون ما توارى في ذواتهم من أحلام ،إنها الدار البيضاء ،تتزيى هذه الأنثى الدلول بكل أزياء التناقض ،كاسية /عارية ،مقدسة /مدنسة ، ضخمة /قزمة ،وأناسها يجارونها في طموحها الخارج عن السيطرة ،أحاول ان اكونهم ،لكني لم استطع ،أتأمل في صمت كل الأشياء السائرة نحو المجهول ،وانا وحدى أسير نحوي كي لا أتيه في الخطوات ،ما احلى ان تعود الى ذاتك فتسمع لغة الخطاب لا لغة الصورة ،أن تستكين الى الطفل العاشق للود والوداعة ،أن تسمح حفيف الحلم لا كوابيس اليقظة.
إدريس بندار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق