الخميس، 12 أغسطس 2021

حصير الشوك ص8 بقلم الأديبة سمية مسعود

 يعرج إلى زنقة سيدي الدحداح إلى جدول ملتو ومنحدر تستقر على ضفتيه منازل متشابهة يلعب أمامها بعض الصبية. إنه يسير إليها حيث لم تعد هناك. إنه يعزي نفسه بالتأسي بمن غدرتهم الحياة...ثم تتفرع وجهة المنذر عبر الأنهج طويلا ليستقر في منزله حيث تنتظره مهجة الفؤاد( أمه).

يقف وراءها وهي ثانية ركبتيها .

"  أستغفر الله..يا رب بارك لي في ولدي وافتح له أبواب رزقك وسخر له أطيب خلقك بجاه النبي محمد يا رب   ".

يحاصر المنذر رأس أمه ويقبله بنفس طويل وهو يحاذي سجادها مقرفصا ويقول :"إن دعاءك حصْني ،يطول في عمرك،يا حليمة ،يا نوارة الدار ".


            (في بهو الغرفة )


     يستسيغ المنذر طبيخة الفول اللذيذة مع والدته وهو يتحاشى نظراتها المحملة بالملفات الحارقة وكأن لسان حالها يقول:"لقد أخذ مني المرض مأخذه وأنت زرعي في هذه الحياة. أما آن لك أن تتزوج يا وليدي. سعاد تنتظر هذا اليوم بفارغ الصبر. مر على خطبتكما سنتان وأنا لا أأمن الموت .فلم تحرمني من الفرحة بأحفاد يملؤون فناء المنزلة بهجة."

فيرمقها بنظرة باسمة وكأننا به يعدها بزواج قريب يطمن فؤادها .

  أما عنه ، ما كان المنذر  يوما محظوظا في حياته .إنه ابن عسكري تزوج متأخرا ومات باكرا فهو وحيد  "دده حليمه" التي ظفرت شيب جدائلها وهي أرملة لا تملك في الدنيا سوى دار متواضعة  وأخ متسلط لم يهملها ولم يهمل يتيمها كما لم ينصفها أو ينصفه مرة .لقد جعل من نفسه وصيا عليها وعلى منابها في الميراث. ثم جعل من نفسه صهرا لولدها فأعلن خطبته على كريمته سعاد دون استشارته بل ظنا منه أنه إنما يقوم بما فيه صلاح العائلتين فولاّه مهمة الإشراف على محل البقالة وبعض الشؤون الخاصة بفلاحته. لذلك ترى دده حليمه أن ولدها صبر و ضَفر و يرى ولدها أنه ما عاش السعادة يوما .

         

          سمية مسعود تونس 

                            ص   8      يتبع ......

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق