الأحد، 8 أغسطس 2021

حصير الشوك ص7...بقلم الشاعرة سمية مسعود

 _2_

   في المقهى يلتقي " النمس" برفيقيْ دربه "فتحي" و"المنذر "


    "مررت بالدكان بالأمس . لم هو مغلق؟ " قال فتحي. 


  لكن "النمش" يمرّر أصابعه على الورق الذي يجعله نصب عينيه ولا يحير جوابا .

فيضيف  سائله:" يا نمس لا بأس عليك؟.... أنا مثلا أكره أن أكون أجيرا لدى أحد "     .    وينفث فتحي دخانا من فروج شفتيْه المطبقتيْن على عقب سيجارة تلفظ أنفاسها الأخيرة وهو يعيد خلط الورق بخفة جديرة بالانتباه.   

           (وقت مستقطع من الصمت )

  وكمن  يستفيق من غيبوبة وجود يقول المنذر:

_ والدتي تعاني من السكري . ضننت البارحه ليلة  فراقها لا أدري كيف لي أن أعيش دون والدتي!  


  "دع عنك يا المنذر _ يربت النمس على كتفه_ الأعمار بيد الله . أنا كلما أرى "مراد البجاوي " يتفطر قلبي حزنا على شبابه فوجوده مسجل بظل شمسه . انظر خارجا قد ترصده  محفوفا بشفقة  الناس وصدقاتهم وهو يخاف أطيافهم كخوفه من هدير الموج الذي اعتقل لبّه وسلّم رفاقه إلى بطن الحوت الجائر. سبحان الله ميسّر الأرزاق والأعمار يا صاحبي" .

أما عن  فتحي و كأنه لا يتصل بهما  في ما يقولان يتحدث بنبرة حازمة وهو يحدج النمس:

_ واضح اذا . متى سيكون العزم ؟ وما تعريفتكم هذه المرة ؟ (ثم يلكزه بمرفقه ) والله هذا ما حزرته تماما .. كم أمقت صمتك وأكره نفاقك يااا... ( عاضا على شفتيه).

 و يصمت جزءا من برهة فتعتريه قشعريرة غضب يهتز لها ذقنه  فيرمي الورق على صفحة  وجه النمس  ويصرخ عاليا:

" كما عهدتك لن تتغير. خادم سيدك النوري "

 

وبعنف قسري يتأخر فتحي  بنفسه وهو جالس على الكرسي ثم يعمد إلى النمس و يدفعه بقوة  و لولا العمود الرخامي الذي أسنده لوقع أرضا ثم يعجل بالخروج والشرر يتطاير من عينيه. 

 سرعان ما لحق به المنذر وسط ذهول الحاضرين وثورة غضب "النمس "       .   هذا النمس الذي لم يجد من بد إلا  اجتراع القهوة دفعة واحدة أمام أنظار النادل الذي هبّ لنصرته رغم كرهه  لهذه الشلة  اليؤوس . 


 ينفض مجلسهم  فيسارع المنذر خطواته علّه يقتفي  فتحي  لكن دون جدوى استعمل الهاتف لكن رقمه مشغول بمكالمه اخرى .فيستسلم حينئذ إلى مرمى الطريق.

 كان الوقت يتجاوز الزوال  بقليل وأشعة الربيع الدافئه تتسلل خدْر أواخر شهر فيفري فتستلذ الأجسام دغدغة  حرارتها ويستعذبها صاحبنا فتعود به الرحلة إلى حبيبة العمر إلى ابتسامتها اللذيذة  وخجلها المتوّرد كلما نظرها وهي عائدة من المصنع وإلى صوتها المتهدج وذبذبة الأحرف في حلقها وهي تنفض عن القلب  أقفاله الصدئة فتجعله يربو  و يرفرف بين أضلعه  و كذلك إلى حرارة  كفّها السلس بأنامله المخروطيّة وهو ينزلق برشاقة كلما وقع عليه حذر راحتيْه أنما تسنىّ لهما اللقاء .


                 سمية مسعود تونس   ........                                                   ص         7

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق