الأحد، 22 أغسطس 2021

حصير الشوك 2ص 11 بقلم الأديبة سمية مسعود

 (2)


يلمح المنذر لمياء خارجة من مركز الصحة الأساسية وهي تدفع عربة صغيرها. فيلدغ قلبه ويكاد ينتفض من موقعه فتتقاذف دقات نبضه  وسرعان  ما تعتريه موجة من الفوّارة تكسو قبّعة  رأسه . فتمتقع وجنتاه وتلتهب أذناه ويجف حلقه فتحبس الحروف ويرتخي صدغه ويكاد يشعر بالإغماء ...

إنها صفوة الروح ومهجة الضلوع . مرّ على رؤيتها ثلاثة سنين و نيْف و ها أنا حيث أنا وها هي تتورّد.

بانصياع  آليّ  يلحق المنذر  بلمياء فيفضّل دون اختيار أن يمشي وراءها  فيشعر بوتين قلبه وقد استشر ى على صفحة الطريق ليجعل من جسده كتله لحميّة  توازي خطواتها  أفقيّا. ودون استئذان، انعتق بصره إلى جانب وجهها وانفرط عقال لسانه فحيّاها : "صباح الخير ، وينك ،لا بأس عليك؟". لكن لمياء ضاعفت  سرعتها لتواصل طريقها دون أن تنظر إليه أو تحير جوابا . 

         تسمّر المنذر في مكانه يرمق جمالها الذي غاب عند أول انعطافه في زنقه "سيدي الدحداح.".لقد أسدلت شعرها الملون واصطبغت  شفتاها ولوّنت جفناها بمساحيق زادتها إشراقا ثم ذكر  نفسه طوعا  أنها  لم تعد كما تركتها منذ سنين .اليوم هي زوجة "النوري عبيش"   خالي وصهري. 


    زلزل لقاؤها بقايا اللّبنات التي تشد أوصال روحه المكلومة    ويستصرخ الصبر متسائلا :" أو ليس لجرح فراقها برءُ؟ كم علي أن أكمّم لفح أنفاسي؟ ليت الفقر خصم شهم فأنازعه أمام حبيبتي عندها لن يغلبني الدين أو يقهرني الرجال...انا نذل   .  ..وما  أنا أهل لها  و لا للزواج أصلا. لقد فاق انتظارها ثلاث سنوات وهي تمنّي نفسها بالثوب الأبيض  الذي سترتديه لتستقر في منزلي  زوجة وحبيبة .أطلت المقام في عينيها وعششّت  في قلبها واجتاحت مكالماتي أركان يومها بينما جعلت من صورتها اليتيمة  التي ازدان  بها هاتفي قبلتي في كل مكان .. .


  و يلدغه صوت يناديه فيستفيق من غفوته .


                         ص 11  يتبع .....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق