الجمعة، 24 سبتمبر 2021

حصير الشوك .ص.16 ..بقلم الأديبة سمية مسعود

 كان لفتحي والنمس في لقائهما الأخير مشاورات  استثنائية تجاوزت قواعد العمل  الميداني المتواضع عليها. فقد كان فتحي يعلم تماما ما يشوب سفراته من تجاوزات كنوعية المعاملات ومواعيد الشحن أو التسليم وهو يعتقد جازما أن سفراته المتباعدة هي صفقات تجارية يباع فيها الحشيش أو ربما مموعات أشد خطورة كالآثار مثلا أو غيرها ولعلها من الأسباب التي ما دفعته يوما إلى التدخل في التفاصيل .

لقد سعى جاهدا أن يحافظ على مظهر الإنسان المتعلم الذي يحترم تقنية توزيع المهام .إنه كالذئب الذي يحرس الأرانب والذي له من  الخير دائما نصيب .

       كان طموحه يتأرجح بين قاعدة المصاهرة ومشروعيّة الاستثمار فبذكائه الانفعالي أدرك أن النوري عبيش يؤثث بلاط الودّ ليجعله صهرا. فهو نموذج جيد لطاقم العمل كما أن ظروفه المادية ستجعله حريصا على فرصة الحصول على زوجة جميلة ومنزل جاهز في نفس الوقت فضلا عن كونه صديقا للمنذر  وهو ما قد يضمن لابنتيه الاستقرار العائلي إلا أن فتحي ما شعر يوما بميْل أو شوق تجاه فاطمة حتى أنه ما اتصل بها يوما وما ذكرها في مجلس ولو حتى على سبيل الخاطر ما يذكره أنه لا يردّ لها اتصالا أو يملّ لها كلاما. 


  "   صاحب المال حاكمه .هذا صحيح ".

لكن ما ظن النمس أن لسيّده مرشحا غيره. وحدها الصدفة جعلته يستشعر ما يتردد من ذبذبة ودّ بين الرجلين لكن هيهات ففطّوم التي رام حبّها شغاف قلبه واستطاب به المقام لن تكون إلا له .لقد آل على نفسه أن يحرسها في الشوارع ومن وراء النوافذ. إنه خادم والدها الأمين وقراره المكين وعقله المتين وقلبه الذي لا يلين .إنه حارس بابها وعاشق قوامها إنه مجنون فطّوم. 

      يلتحق النمس به في المخزن بسرعه وكأنه يلحق في القطار الاخير فيظطر فتحي إلى إنهاء المكالمه معها. 


_آه! آش عملنا يا نمس؟

_أمورك  هانية يا فتحي .حضّر قفتك .

_متأكد؟؟

 _صاحبك راجل .ما نيش نلعلب .

 _ تفاهمنا.


تنتهي المقابلة بين الرجال سريعا فيسدي النوري تعليماته بارتياح وبشفرات متنوعة ماغاب معجمها عن فتحي هذه المرة.   

    عمت في البلاد أخبار هذا الفيروس فاتخذت إجراءات الزجر وانتشرت القوات المسلحة في الشوارع وأغلقت المحلات التجارية والأسواق العمومية كما أوصدت أبواب المساجد ومنعت صلاة الجمعة وأجلت الدراسة وألغيت الأعراس .وكان المنذر طبعا معنيا بالأمر .

    بقيت أيام معدودة ويهلّ شهر الصيام والبركة ودده حليمه تعدّ المدة  بالساعات في انتظار ازديان منزلها بالكنّة لتكون زوجة الابن وابنت الاخ   ستكون البنت التي لم تلدها . و لم تكن تدرك بشكل واضح علاقة تأجيل فرحتها بولدها بما يحدث في العالم فهي ترى ذلك غريبا .و بخصوص نفس الموضوع يحلّ النوري  ضيفا في منزل أخته.  


                        ص16                    يتبع    ....


سمية مسعود تونس 🇹🇳

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق