♠ ♠ ♠ ♠ القصة القصيرة ♠ ♠ ♠ ♠
♠ ♠ ♠ العمر لحظة ♠ ♠ ♠
♠ ♠ أربعون عام زواج بدء بطريقة تقليدية وليس بعد قصة حب ، إلا أنه سطر أجمل قصة حب إستمرت كل العمر ، إلتقى معها صدفة عند بعض الأقارب له وطلبها للزواج فوافقت دون سابق معرفة ، وكأن القدر أجرى على لسانها الموافقة ، وبكل أدب طلب الجلوس معها منفردين في الصالون المجاور ، ولما جلس معها أخبرها أنهما بصدد تأسيس شراكة العمر كما تعلم من أمه وأبيه ، وأخبارها أن الحب سوف يأتي إذا هما أخلصا لبعضهما البعض ، وأبتسمت موافقة ثم أخبرها أن هناك نقطة هامة قبل التكلم في أي شىء مع أهلها ، قالت: ما هي قال: لها أن الشركة التي بيننا هي شركة مناصفة ، لي 50% من أسهمها ولكِ 50% من الأسهم ولكن حق الإدارة لي أنا ، قالت موافقة وبعدها ذهب إلى أبيها وخلال خمسة دقائق فقط كانت يد الأب في يده ليقرأ الفاتحة وتم الزواج في أيام معدودة ، وكانت دائماً ما تتذكر هذه الأيام وتقول كان هي بداية العمر الحقيقي لي والذي يؤرخ به بصدق لأجمل أيام العمر ، وكانت تعمل في مجال التعليم كطلبه وأخبرها أنه في حالة وجود حمل تترك العمل في أجازة بدون مرتب ، وأيضاً قالت له موافقة وبعد ثلاثة أشهر من الزواج أخبرتها الطبيبة أنها حامل منذ ثلاثة أشهر ، فنفذت ما وافقت سابقاً عليه وجلست في البيت ، أربعون عام ملئت فيه البيت الأنيق بالحياة والحب والجمال ، كانت ثمرته أولاد ذكور ولما دخلا الولدان المدرسة طلبت من الزوج أن تعود لعملها نظراً لطول الوقت عليها بدون الأولاد ، وافق الزوج وعادت لعملها فكانت تنزل إلى العمل بعد ذهاب الأولاد إلى المدرسة وتعود إلى البيت قبل رجوع الأولاد والأب ، فكأنها لا تشعرهم بعدم وجودها فهي قد عرفت كيف تربي وتباشر الأولاد حتى كبروا وتخرجوا من الجامعات بتفوق والتحقوا بسوق العمل في بنوك أجنبية ، وتزوجا وأنجبا البنين والبنات ، وهي لا يكف عطاءها له أولاً عندما كانا معاً فقط في بداية الزواج ، وزاد العطاء عندما توزع عليه وعلى الأبناء ، وأستمر عطاءها في إزدياد عندما كبرت الأسرة بوجود الأحفاد وكأنها تملك مستودعاً للحنان تأخذ منه حسب العدد الموجود وإحتياجاته ، وفي كل مراحل العمر لم يقل عطاءها للزوج ، ذات ما هو قد عودته عليه لم ينقص وإستطاعت أن تشعر كل من حولها أنها فقط له ، شعر الزوج أنها بذكاء الأنثى لم تشعره بقلة الإهتمام لما أنجبت ، فكل ما تعود عليه معها كانت تؤدية بلا ملل ولا كلل ، وأنجبت فشعر كل واحد من أبناءها أنها له فقط فشبع الكل منها حباً وحناناً ، والمثير أنها كانت أقل الجميع طلبات ، فالكل لا يكفيه منها إلا الكثير وهي فقط تكتفي منهم بالقليل ، لم يسمعها زوجها تشكو لا من البيت ولا من الأولاد بل كانت تقدم الحب لهم جميعاً وبكل حب ، وكان الزوج يقول لها بعد أن ذهب الأبناء إلى زوجاتهما وفرغ البيت إلا منهما ، أسأل الله أن أترك الدنيا قبلك لأني لا أستطيع العيش بدونك ، كانت تضحك وتقول له سنموت كلنا وتبقى أنت لتضيء الدنيا ، وكانت تجتهد لتملىء له الفراغ بعد زواج الأبناء وتقول له سوف أعيدك عريس كما بدأنا معاً في السابق ، وفعلاً فعلت كل ما يسعد الرجل من زوجته ، وفي أحد الأيام إستيقظ لصلاة الفجر ودخل عليها غرفتها لإيقاظها ، فإذا هي بلا حراك وضع يده على خدها فإذا هو بارد ، فقد مضت إلى ربها من ساعات وهو نائم ، هنا بدأ فصلاً آخر من حكاية العمر وهو لم يكن مهيئاً لهذه المرحلة ، حيث فقد الرغبة في كل شىء ، حتى بعد أن أحضروا له شغالة مجتهدة وطباخاً من إحدى الفنادق الكبرى ، لم يكن هذا يغنيه عنها والغريب أن الأشياء التي كانت قد رتبتها في خزانة الملابس لم يقربها ولم يسمح لأحد من القرب منها ، حتى تظل عمل يدها أمام عينه وأشترى أشياء أخرى مثلها لتبقى هي كما وضعتها يدها ، وسماها في كتاباته المرأة الحب مرة وسماها سيدة النساء مرات ، ورغم أن الأولاد عملوا على ألا يظل وحيداً في البيت ، فكانوا دائماً عنده خصوصاً بعد أن رفض ترك بيته والإقامة معهما بالتناوب ، ومع وجود الأبناء والأحفاد ، كان دائما يشعر أن البيت تنقصة الحياة ، كان يقول لأبنائه أُمكم كنت أسميها البلدوز كانت لا تكل ولا تمل ، تفعل كل شىء وتقدم كل شىء أولاً لي ثم لكما ثم لأبنائكما ، كانت مستودع حب لا ينبض ولا يقل كلما كبرت الأسرة كبر منها العطاء وفتحت مستودعها ليزيد لها حتى تكفي الكل حباً وحناناً ، وكانت أجمل أيامه التي يعيشها إذا هو عاش معها ليلة حلم ، يستيقظ في سعادة ملحوظة وإذا سأله أحدهم عن سبب هذه السعادة كان يقول كانت معي ليلة الأمس ، وأخذت منها حناناً وكانت تقول لي حتى لا تنسى حناني ، والعجيب أنه كان يكتب لها دائماً رسائل ويضعها في مكتبه ويقول حتى أقرأ لها عندما نتلاقي ماذا فعل الشوق بي فهي إمرأةً علمتني أن العمر لحظة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق