السبت، 5 نوفمبر 2022

إلى شرين أبو عاقلة .....بقلم الشاعر سليمان دغش

 شريــــن / سليمان دغش

(الى شرين أبو عاقلة الشاهدة الشهيدة)

في الصّباح المباغِتِ كانَ النُّعاسُ الشَّهيُّ ملائكةً

تَتهَجّى على ظِلِّ جَفنَيْكِ سِرَّ الرؤى

حينَ أيقَظَكِ الهاتِفُ الخِليَويُّ منَ النومِ مُنتَصَفَ الحُلمِ

إلّا قليلاً على طَرَفِ الليلِ، يَستَيقِظُ الفَجرُ فوقَ سماءِ المَدينَةِ

يُنذِرُ أنَّ المُخَيَّمَ في خَطَرٍ يا شِرينُ

ولا وَقتَ للقَهوةِ العَرَبيّةِ هذا الصّباح لديكِ، فثَمّةَ قنّاصَةٌ في الطريقِ

أعَدّوا كميناً لصيدِ الفراشَةِ قبلَ التّجلي الأثيرِ 

على شاشَةِ التِّلِفازِ لِبَثِّ الخَبَرْ

كانَ سِربُ العصافيرِ مُنهَمِكاً في العُلُوِّ على لثغَةٍ في النّشيدِ الحَزينِ،

كأنَّ العصافيرَ تَستَشعِرُ الريحَ في ساعَةِ الصِّفرِ، 

تقرأُ نبضَ العواصِفِ أنّى تَهُبُّ فَتَعلو

إلى عُشِّ أحلامِها في أعالي الشَّجَرْ

"في الطريقِ إلى جنين" كَتَبتِ رسالَتَكِ الرَّقَميَّةَ نصاً قصيراً

 فهل كُنتِ مدركةً بينَ بينَكِ أنَّ النهايةَ لا ريبَ فيها 

فطِرْتِ مثلَ الفراشةِ نحوَ المُخيَّمِ، كم كنتِ واثِقةً

 أنَّ نَبضَ المُخيَّم بعضُ نَبضِكِ، صارَ المُخيَّمُ أقرَبَ للقُدسِ،

 والقُدسُ أقربُ منّا إلينا

 فهل ودَّعتكِ كَعادَتِها؟ رُبّما لا تُحبُّ وداعَ أحِبّتِها

حينَما يَرحَلونَ فماذا سَتَفعَلُ إنْ كانَ هذا الوداعُ الوداعَ الأخيرَ 

ومَنْ يا شِرينُ إذا ما رَحَلتِ يُعيدُ إلى القُدسِ ضوءَ القَمَرْ؟  

كانتِ القُدسُ تصحو رويداً رُويدا على أُفُقٍ

يَتَثاءبُ فَجراً يُوَدِّعُ آخِرَ نَجمٍ تلألأَ فوقَ عباءَةٍ ليلِ الكرى

واختفى حينما رَمَتِ الشّمسُ منديلها الأرجوانَ على كَتِفَيها

وهل كانتِ القُدسُ غيرَ مناديل قطنٍ الهيّةً تمسَحُ الدّمعَ

عن دربِ آلامِنا في الطّريقِ الطويلِ الطويلِ إلى شاطئِ الروحِ

ما بينَ حيفا ويافا القَديمةِ، كانَ المُخيَّمُ يَستَقبِلُ الموتَ حياً بذاتِهِ 

ظلَّ يُربي صغارَ الصُّقورِ على الطيرانِ عُلواً

 وشَحذِ مخالِبِها فوقَ صَخرِ البلادِ وجَمرِ العِنادِ،

 ما أوسعَ الروح حينَ نُحبُّ الحياةَ، ونحنُ نحبُّ الحياةَ، 

وما أقربَ الموت حينَ يضيقُ صليبُ التلسكوبِ 

إلى نُقطَةِ الصفرِ في الطلقةِ القاتلةْ

في الصَّباحِ المُباغِتِ عندَ حدودِ المُخيَّمِ، حيثُ سَقَطتِ ارتَقَيْتِ 

وعَمَّدتِ بالدّمِ خاتِمَةَ الخَبَرْ

-أنا الشَّهيدَةُ شيرين أبو عاقلةْ-


سليمان دغش/ فلسطين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق