جسد نحيل ، نفس مهشمة ، روح معتمة .... تكبلت الأيام وأحيت يوماً بيوم هو.. نعم هو ذاك الذي أخذ الوفاء رداءاً عندما طعنه القدر طعنة غدر في نزال الهوى الدامِي ... كانا عاشقان الي الوريد .. أخذا من الحب عقيدة، وقدسا أفلاطونيته الهيماء ..... و هي تلك الأميرة الساحرة ذات عينان براقتان وقلب حنون .. عشق فيها البراءة ورساخة العقل... كان يعزف تنهيداً ويتناول حديثها بشغف وكأنها قيثارة لسمفونية بيتهوفن... َوهو كان لها فارساً بأجنحة ملائكية يهيم بسماء العاشقين لاترمق مقلتيها غير طيفه مهما كان العابرون ... تراقص الحب فرحاً بمحرابهما .... لكن دائماً هناك ما يأتي بالزمن خلسة ليقول كفوا أيديكم عن مائدة السعادة والفرح .... واختارها الزمن لينحر فؤادها الهزيل... نعم إنه مرض لعين لاذ بجسدها الرهيف.. وإحتسى أيام عمرها حتى الفناء... كانت تخفي آلامها خلف ستار فرحة لقائهما.... وتستبيح الضحكات المتعالية لتنتحر دمعاتها المختنقة... كانت تعلم أن الفراق محتم... دخلت متاهة الخوف تلهث علها تصل إلى حلٍ.. او عقار يطمس لعنة القدر الواهية.... َلكن بلا جدوى... إرتابت لحظة الفراق ليس إرتياب الموت فحسب لكنها الوحدة التي سيتحلي بها وجدانه من بعدها... فهي تعلم أنها تقطن أيسره...... أخذت تفكر وتفكر ..... أخذت تحطمها تلك الأفكار القاحلة وكأنها بحرب شعواء... إلى أن إضطرب سهد أنينها الموجوع بين ثنايا صوتها المنتحب.. وقالت.. إرحل قد سئمت من ذلك العشق الأجدب... ولا تعد. قد أسقيتك من فيض الهوى الي أن إرتوى قلبي وكف منك ِرواءا. ومزقت رسائلك المعطرة.. َوكسرت محبرتي لا أبالي بك وبهما بعد الأن.. فقط دعك مني.... وهو.. صامد كشجرة عتيقة من زمن الرومان....... لا يحرك ساكناً.. فقدصَلبت هُدب عيناه ... فقط... دموع متحجرة.. ووداع مملق. غُلف بالذعر والذهول جعله يذهب.في صمت مغرور تاركاً إياها تحتضر بين دمعات ونداءات وعنوة ورضوخ... ولكن بداخله بركان يصرخ ويتأجج بتساؤلات ليس لها حصر... أخذه الكبرياء بمقعد خارج حدود عالمها.... وتفاقمت الظلمات... ومرت الأيام كان يهاب أن يرمق ظلها.... ويتمنى أن تختلس القسوة طيفها نزيفا من دمه..... ذات يوم أخذه صقيع الحنين المتوهج لذلك المكان المعهود لتخبره زهورها المفضلة بأنها قد ذهبت بلا عودة وانها تركت له قبس من عطرها وحفنة من أنفاسها.... وعلم ما تواري وأنها إختارت ان يكون عاشقاً أصم عن تراتيل عشقها.. ولا ان يكون ذبيح سكين فراقها.... أخذ الندم ياكل أيامه.... وأقسم ان يبقى لأنفاسها حامٍ ولعطرها ساقِ.... وأن يرعى تلك التيوليب البيضاء حتى تملأ ضريح الحب الموؤود... وقطع ميثاق الوفاء الي أن يلقاها ليقدمه بقدميها راكعاً ندماً على ذلك الصمت الذي تيبس بمقلتيه عند الرحيل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق