شَاطِئُ الذِّكْرَيَاتِ
****
عِنْدَ رَصِيفِ الْأُمْنِياتِ مَرَّ الْعُمْرُ
كَأَوْرَاقٍ مُتَسَاقِطَةٍ مِنْ الرُّوحِ ،
ذَابِلَةٍ صَفْرَاءَ لَا غُصْنٌ يُمْسِكُهَا ،
وَلَا أَرْضٌ تُعِيدُ لَهَا الْحَيَاةَ ،وَلَا مَاءٌ يَرْوِيهَا ، ولا سماءٌ تُقِلّهَا !!!
أَرْوَاحٌ مُحَطَّمَةٌ مُنْكَسِرَةٌ ،
تَعصِفُ بِهَا رِيَاحُ الْقَدرِ ،
وَتَرمِيهَا مُتَنَاثِرَةً
بِصَمْتٍ أَلِيمٍ ،
قُلُوبًا مُتْعِبَةً مُنْهَكَةً
مِنْ شِدَّةِ أَوْجَاعِهَا، وكَلِمَاتٍ وَأَحَاسِيسَا مُبَعْثَرَةً ؛ مِنْ فَوْضَى الضَّجِيجِ ...!!!
ذِكَرَيَاتٌ تُعِيدُهَا وَتُعِيدُ لَهَا الْمَوَاقِفَ
هَاوِيةً فِي زَحمَةِ الْغَمَامِ ،
تَرَكَتْ وَرَاءَهَا أَيَادِي بَارِدَةً
تُخْفِي مَعَالِمَ اللَّيْلِ الْمُعْتَمِ :( عِطْرًا- -بُوحًا - صَمْتًا - صَوْتًا -مَلَامِحَ -شَرَايِينَ تَتَدَفَّقُ
فِي مَوَاسِمِ النِّسْيَانِ -نُورًا يَتَلَاشَى فِي اللَّيَالِي الْمُظْلِمَةِ-
رَسَائِلَ -ضِحْكَاتٍ -قَهْقَهَاتٍ -أَنِينًا وحنِينًا ...) ؛ لِتَرْسُمَ طَيْفًا قَرِيبًا عَلَّهُ يُوَاسِي مَشَاعِرَا خَاوِيَةً...
وأَعَاصِيرُ الشَّوْقِ تَعْصِفُ ، وخُطُوَاتُ أَحلَامنا تُفَتِّشُ خَلْفَ قُضْبَانِ الرَّحِيلِ ،
تَتَعَدَّى حُدُودُ الْبَوْحِ بِحَنِينٍ قَاسٍ ،
نَبَضَاتٍ تَتَهَاوَى مُسْرِعَةً؛ تُوَاسِي قُلُوبًا صَامِتَةً ،
بِرًّا وَبَحْرًا وَشَطَآنًا وَجُزُرًا ؛
يَقْطِفُونَ مِنْ خُيُوطِ الشَّمْسِ دِفْئَهَا...
سُكُونٌ رَغْمَ فَوْضَى الْكَلِمَاتِ ،
بَيْنَ أَزِقَّةِ الْأَلَمِ تَسْكُنُ الْجُرُوحُ ،
تَخْتَبِئُ خَلْفَ صَفَحَاتِ الْحُزْنِ وَالْخِذْلَانِ وَالْآهَاتِ ،
بَعْدَ أَنْ اسْتَبَاحَ الشَّكُّ وَالْخَوْفُ وَالْبَرْدُ ،وأَنْفَاسٌ مُتَقَطِّعَةٌ رَسَمَتْ لَحَظَاتِ الْغُرُوبِ
وَإِرْهَاقَاتٍ عَمِيقَةً فِي دَفَاتِرَ مُمَزَّقَةٍ ،
يُخْتَصَرُ فِيهَا تَشَنُّجَاتُ الْقُلُوبِ
تَبْحَثُ عَنْ أَنْفُسٍ بَيْنَ الْأَحلَامِ وَالْحَقِيقَةِ ،
تُزْرَعُ مَلَامِحُ الرُّوحِ عَالِقَةً فِي دَاخِلِهَا
لَا تَسْتَطِيعُ نِسْيَانَهَا رَغْمَ الْأَلَمِ وَالْأَنِينِ ،
تُؤْلِمُهَا الذِّكْرَيَاتُ وَيُضْنِيهَا الْحَنِينُ وَالِاشْتِيَاقُ ،
لِيُطِلَّ الشِّتَاءَ الْبَارِدَ مِنْ نَوَافِذَ مُبَلَّلَةٍ
تَلْمَحُ وَوُجُوهٌ بَيْنَ قَطَرَاتِ الْمَطَرِ ..
سَتَتَذَكَّرُ ذَاكَ الطَّيْفَ الْبَعِيدَ ، يَحْمِلُ مَعَهُ دِفئًا دُونَ لِقَاءٍ ،
وَتَرَتَّبَ مَوْعِدُنَا عَلَى شَاطَئِ الذِّكْرَيَاتِ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق