ُلَحنُ الوداع
**********
أغْلَقتُ أبْوَابَ قَلْبِي
وَألقَيتُ مِفْاتِحَهُ فِي شَاطِئِ النِّسْيَانِ،
أحْرَقَتُ صَفَحَاتِ أشِّعَارِي فِي مَحْرَقَةِ هَوَاجِسِ أفْكَارِي،
رَحَلتُ مِنْ مُدُنِ الْعَاشِقِينَ،
وَهَجَرْتُ الَى وَادِي يُشْعُرُنِي بِالأمْنِ وَالأمَانْ،
تَرِكتُ قِصَصَ الْحُبِّ وَالْغَرَامِ،
وَرُحْتُ أبْحَثْ عَنْ وَطَنٍ ، ألتَجِئُ فِيهِ نَحْو بَرِّ الأمانِ،
وَقَفَتْ خَلْفَ نَافِذَةِ أبْيَاتِي أتَرَقَبْ ظِلَّكَ الْبَعِيدَ؛ فوجدته يتَلَاشَى شَيْئًاً فَشَيْئًا، مَعَ خُيُوطِ الْفَجْرِ الْمُشْرِقِة
سَلَّمتُ رُوحِي لِهِجْرَانِ ، وأزَحْتُ عَنِّي كُلّ الْأُمْنِيَاتِ،
وَسِرْتُ فِي رَحْلةٍ مَجْهُولُةٍ،
وَطُوِيَتُْ دَفَاتِرِي فَتَنَاثَرَتْ أوَرَاقِي كِأوْرَاقِ الخريفِ،
هَجَرَتْ الطُّيُورُ أغْصَانِي ،وَغَابَتْ شَمْسُ صُباحِي عَنِ أيَامِي ، وَتَلَاشَى شُعَاعُهَا مَعَ ظِلِّك الْبَعِيدِ ،
سَافَرْتْ ذِكْرَيَاتِي بَعِيدًا ، وَزَاحَمَتْ رَذَاذَ الْمَطَرِ الْبَارِد
وَدَمْعُ الْعَيْنِ الْمُتَسَاقِطِ ؛
لِيَكْتُبَ بِالْحِبْرِ الْأسْوِدِ
مَلْحَمةً مَنْكُوبةً فِي طَيِّ الْهَوَامِ،
وَالْبَحْرُ فِي تَقَلُّبَاتِهِ بَيْنَ مَدٍّ وَجُزُرٍ ،
بَيْنَ صَمْتٍ وَسُكُونٍ ،
وَتَلَاعَبُ أمْوَاجُهُ مَعِي كَتَلَاعُبِ
الَامْوَاجِ بِالْغَرِيقِ ،
سُفُنُ مَغَادِرِة نَحْوَ جُزُرِ الِإقْدَارِ؛
تَبْحَثُ عَنْ شَوْقٍ صَامِتٍ ،
وَحَنِيْنٍ أخْرس ،
وَنَظَرَاتٍ مُلْهِمِةٍ ،
وَيَمْضِي الْعُمُرُ بَيْنَ لَيْتَ وَتَمَنّ
عَلَى أرْصِفَاتِ الِانْتِظَارِ ،
يَبْقَى الأملُ فِي مَقَاعِدِ الْأَحْلَامِ
لِتَرَمُّمِ أرْوَاحًا مُنْكَسِرِةً ؛
لِتَعَانُقِ الرَّجَاءِ ؛
لِتَبَصُّرِ النُّورِ بَعْدَ تَلَاشَى الظَّلَامِ؛
لِتُقْطَعَ أنْفَاسُ الْحُزْنِ وَأوْجَاعِ الحياة ،
وَتَنْحَرُ الْألْمَ وَالَأنِين
هَا هِيَ كَلِمَاتُكَ عَزَفْتَ عَلَى
أوتَارْ قَلْبِي لَحْنَ الْوَدَاعِ الْأخِيرِ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق