سفر بين الامية والأمل
و سفر بين الفقر والصبر
{{{{{{{{{{{{{{💢💥💢}}}}}}}}}}}
عبسليمو هو اسم مضغر لبعد السلام ،من مواليد الستينات بدوار السذاري جماعة الدردارة قبيلة غمارة المغربية،نشأ في احضان اسرة بدوية فقيرة في بقعة لا تصلح لا لزراعة الحبوب والقطاني ولا لتشجيير الزيتون ولا كرم التين كل سكانها بداوى يعيشون تحت رحمة التجارة المتنقلة القليلة الربح غالبا ما يبقى عبسليمو طيلة اليوم جوعا ينتظر والده من العودة الى خيمته بعد ما خرج مبكرا حاملا على بغله كيسا من سمك السردين المغلف بمادة الملح كي لا يتعفن ، وكان يملؤ الشواري بإيناء ممتلئ بالقطران كان يجول به الدواوير من أجل استبذال سردين الحسيمة أو ما كان يعرف بالحوث دالريف الذي تزداد لذته عن باقي انواع السرديل بالمتوسط والاطلسي .
كان والد عبسليمو السيد لحسن العجيمي يقضي مرات ومرات اربعة إلى خمسة أيام من الغياب على مدار الأسبوع ليوفر الحبوب والقطاني وبعض الكؤوس من زيت الزيتون الغير متواجد اصلا بمنطقة اغمارة ،مستبدلا سلعته بالحبوب لسد رمق اسرته. كلما جاء متأخرا لحسن العجيمي والد عبسليمو الا ويخلق الجدال بينه وبين زوجته التي تناديه بالعطار المهبول.قرر لحسن ان يتخلى عن ذاك النوع من التجارة وجلس اسبوعا كاملا يفكر في مصير ابنائه العشرة ماذا سيأكلون ومن سيقربهم ما يحتاجونه من غذاء ومصروف.اصبح العجيمي في خصام يومي مع زوجته كونه تخلى عن التجارة المتنقلة وقرر ان يعمل مقاطع أو راعي البقر بالدوار المجاور ويأتي كل مساء بخبزتين و ما تيسر من الاكل المتنوع يوما بيوم.كان ذلك لا يكفي اسرته لليوم كله بالاضافة لتوقفهم عن شرب القهوى والشاي وتوقف أبنائه عن الدراسة كونه لم يعد له مالا لشراء ذلك.قرر عبسليمو بعد التشاور مع امه بعدما كان يدرس في القسم الرابع ابتدائي قرر ان يلتحق بالحاج عبو الذي التقى به في العطلة الصيفية السابقة بالسوق الاسبوعي بالدردارة. ادخله الى المقهى واخذ نصف كيلو من الكفتة وقطبان من الكبد وتغذيا معا .وكان قد طلب منه ان يسرح له قطيع المعز الذي يفوق 150 بين عتروس ومعزة كان سابقا قد قال له اني ادرس في المدرسة لكن اذا لم تتحسن ظروفنا العائلية ساعود عندك.فعلا قرر عبسليمو ركن محفظته الى الابد في بيت مظلم صغير وراء الخيمة التي توجد كمخزن الأكياس البلاستيكية التي كان يستعملها والده لتسويق السردين، وبعد المعدات للحفر كالفؤوس ومنشار لقطع الحطب واصبح كبيت مهجور .بعد مقاطعته عن الدراسة،عاد عبسليمو عند الحاج عبو وجده في سيارته خارجا من بيته متجها الى ميناء الحسيمة الذي كان له ارتباط تجاري به . قام بالسلام على الحاج فقال له آه :تفاجأت بقدومك ولدي .هيا ادخل لتناول وجبة الفطور .هل وافقوا ولديك معك للرعي معنا .؟ اجابه نعم عمي الحاج.قضى عبسليموا اليوم مع ابناء الحاج يطبق ما يأمرونه به وغدا صباحا رافق قطيع المعز الى البراري بجانب الغابة لرعيها هناك. وكل ما خرج للر عي إلا ويأخذ معه زاده اليومي وقرعة ماء الشرب .تعود على ذلك. بعد اربعة اشهر لم يفكر لا في اهله ولا في راتبه الشهري ليعين أسرته الفقيرة مما سيقدمه له الحاج. شهريا أو سنويا فأجبرت والدته على القدوم الى دار الحاج عبو للاستفسار عن حالة ولدها كراعي المعز وأجره الشهري.امرها بالدخول الى المنزل التقت بزوجة الحاج تصافحا معا وتساءلا عن احوال عائلتيهما فتبادلا الحديث مع الحاج عن اجر ابنها عبسليمو.كم هو راتبه الشهري .اجابها الحاج اني اتفقت معه على ستة الف ريال أي 300 درهم شهريا.وقال لي لا تعطيني شيئا عمي الحاج انا اريد جمع نقودي من أجل مستقبلي ولو جاءت امي او ابي لا تعطيهم أي درهم .هذا ما قال عبو لطاهرة القريوعة أم عبسليمو. قالت طاهرة للحاج والان سيدي الحاج هل يمكنك أن تعطيني بعض النقود من راتب ولدي ام لا.عبسليمو يوجد بالعزيب المكان الذي يتواجد فيه القطيع لن يأتي الاسبوع كاملا .عند غروب شمس كل يوم ترسل له زوجة الحاج الاكل والانارة ليلقي الليل كحارس للقطيع .قال الحاج لطاهرة انا اتفقت مع ولدك ان احتفظ له بماله هو من يعمل معي وليس شخصا أخر ولن اسلم اي درهم منه ولو لوالديه.قال لها نحن على ابواب ايام عاشوراء ساعطيك حقك من الزكاة (العشور) كم انتم من نفر في الاسرة ؟ اجابته انا وزوجي العاطل وابنائي العشرة كلهم ذكور.اممم تبارك الله قائلا الحاج. اقضي معنا الليلة هناك وغدا صباحا سامنحك نصيبك من الزكاة. ثم انصرفي الى خيمتكم .شكرته وبدأت تعين الخادمة بالبيت في غسل الاواني ونفش الزرابي وأفرشة البيت وتنزيف كل البيوت وبهو المنزل ورشه برائحة سانيكروى .دخل الحاج شم رائحة التطهير ورأى بام عينيه المنزل أصبح نقيا كأنه اعيد تهيئته من جديد قال لزوجته منذ اكثر من ثلاث سنوات لم ارى منزلنا نظيفا كاليوم.قالت زوجة الحاج هل تعملين في الحقول ام مع احد ام في منزلك الخاص.؟ اجابتها لا سيدتي الحاجة انا لم اعمل في الحقول ولا مع أي شخص . سألتها ربة البيت هل تريدين الخمدة معنا هنا في البيت. قالت لها استشير مع اولادي وزوجي وارد عليك.بعد ما تناولوا وجبة الغذاء لليوم الثاني منذ قدومها مد لها الحاج ضرف بريدي مغلق خوذي سيدتي هذه البركرة انها تعادل اجرة عبسليمو لخمس أشهر ،انها خمس وعشرين الف ريال قالت السيدة طاهرة بسم الله سيدي يخلف الله عليك .خرج الحاج وبدات باعادة قلب اوراق النقود وحسابها قائلة تبارك الله والصلا على النبي .منذ تمانية عشرة سنة ونحن متزوجين والرجل دائما مهاجر بالبهيمة يبيع ويشتري في القطران والسردين ولم نصل في حياتنا توفير هذا العدد من النقود.تبارك الله.شكرت الحاج وزوجته واتجهت الى حال سبيلها.وقبل مغادرتها قالت للحاجة اذا احتجتموني للعمل انا موجودة في أي وقت.نادت الحاجة على طاهرة .خذي هذا اللباس لك وهذه الالبسة لأبنائك اذا كانت تناسب اعمارهم .كل ما اصبح باليا بالنسبة للباس اولاد الحاج عبو الثري.ولم تسأل عن ولدها عبسليمو بتاتا عندما اخذت الزكاة.عادت بعد غد الى منزلها وابناؤها ينتظرونها على احر من الجمر بماذا ستأتي وبماذا ستفاجؤهم من زيارة اخيهم عبسليمو.كانت قد جمعت لها الحاجة علبة كبيرة تحتوي على بعض المؤن منها كيلو كاكاو ولترين حليب وبعض الحلويات وعشرة من علب السردين وخمس خبزات ولتر من زيت الزيتون وا ربع علب سكر و قهوة و شاي . كمكافأة لما قدمته من خذمة لها في المنزل.
عند وصولها كان زوجها لحسن العجيمي مصمما على الدخول في الصراع معها نظرا لغيابها ثلاثة ايام عن البيت .لكن بعدما جلست تفرغت للحديث مع ابنائها وزوجها وطلبت من احد ابنائها أن يوقد النار وتسخين الماء في المقراج الاسود (اسود بدخان الحطب المحروق) لا وجود لللبوطگاز ولو صغيرة .قال زوجها ماذا سنعمل بالماء الغليان نحن نتوضؤ بالماء العادي دون تسخينه.قالت له .لا يارجل سنشرب الشاي وقالت لابنائها الاثنين الصغار ابحثوا هل بقي من كؤوس في البرمة البالية كانوا مختبئن فيها لأنهم تركوا شرب الشاي والقهوة منذ زمان نظرا للازمة الاقتصادية الخانقة التي كانوا يمرون بها .قال احدهم وجدت اربعة يا امي امرته بغسلهم وقالت لابنها الاخر اذهب عند جارتنا طامو وقل لها امي تطلب منك ستة كؤوس لقد جاء عندنا بعض الضيوف وليس لنا الكافي من الكيسان.فعلا مدته الجارة طامو الكؤوس التي طلب منها وعاد لمنزلهم قام الاب لحسن بتشحير براد شاي العشرة الكبير الذي اشتراه منذ زواجهما وخرج احد الابناء الى الخندق المجاور لخيمتهم السكنية حيث توجد بركة مائية لها منبعين احدهما للشرب والاخر خاص بري حوض النعناع لتناولها في الشاي مع وجبة الأكل .طاب الشاي المنعنع احضرت طاهرة الخبز وعلب السردين فهيأت طاهرة غطرا جاهزا للغذاء على الفور وقاموا في رمشة عين بانهاء ما جادت به الام المسكينة واكملوا الأكل بالخبز و الزبت كي يشبعوا جميعا لأنهم كانوا محرومين من الأكل الداسم.
عبسليمو كان ذكيا وبارعا في الحفظ له ذاكرة قوية .كان عندما يعود الى المنزل بعدما يدخل قطيعه الى العزيب كان يتناول وجبته اليومية ويقوم بتعليم احد ابناء الحاج عبو الولد الصغير يوسف.كان يدرس بالقسم الرابع اساسي.وخضر الحاج ليلة ذاك المشهد مما اعجب كثيرا بذكاء راعي المعز عبسليمو. وبدا ولده يأتي بنتائج حسنة وحسن جدا في القسم بعدما كان دفتره مملوؤ بثلاثة على عشرة ،اربعة على عشرة وبالاحرف ناقص جدا .ناقص،حسن خطك.كان والده غاضب عن حاله ولم يجد حلا له لأن امه لم تريد ابعاده من المدرسة الموجودة بقرب سكناهم .اصبح الطفل يوسف دفاتره نقية و جدول الضرب مضبوط و محفوظ عن اخره وبدأ ينطق باللغة العربية و الفرنسية بطلاقة ويتقن جدول الصرف والنحو .فرح الحاج جدا وقال لزوجته يوسف تحسن بكثير سبحان الله.اجابت الحاجة زوجها عبسليمو هو من قام بتعليم يوسف هذا الطفل ساتركه في البيت ليعلم ولدي وسامكنه من متابعة دراسته مع يوسف ليكون معينا له .هو من قال لي .خالتي الحاجة قولي لعمي الحاج أن يعيدني الى المدرسة انا وأخي يوسف. فعلا تم ذلك .الحاج ذهب الى الدوار المجاور واتى برجل متوسط العمر لرعي المعز كان تائها بالدوار لا سكن له ولا اسرة. قال له خذني معك عمي الحاج عاملني جيدا بالأكل واللباس واسرح معك القطيع اعطيني كسوتي والاكل لا غير . اصبح الراعي عبسليمو هو من يقابل يوسف عند مراجعة دروسه بالبيت ، مرت سنتين .الخامس والسادس وكان عبسليمو ويوسف يتفوقان في التنقيط وفي ولوج الامتحان للانتقال الى الاعدادي فازا معا بنقة مشرفة.انتقلا الى السلك الاعدادي ثم الثانوي بنجاح واجرة عبسليمو تحتفظ بها الحاجة في حسابها البنكي حتى يحتاج اليها الراعي التلميذ عبسليمو.وصلا معا هو ويوسف الى قسم البكالوريا يطالعان ويراجعان معا بحب وشغف وتعتبرهما الحاجة كأنهما ابناءها لا فرق بين عبسليمو ويوسف.قام الحاج عبو بجمع الوثائق من أجل بطاقتهما الوطنية واخذا صورا شمسية وحملهما الحاج الى مركز الشرطة بالمقاطعة الحضرية الأولى وأخذا البصمات داخل إدارة الأمن ، وبعد اسبوع ذهب الى مركز الشرطة فأتي ببطاقتي التعريف ليوسف وعبسليمو لانهما مقبلين على الامتحان .قالت الحاجة لزوجها الان عبسليمو اصبح شابا انيقا ورجلا متمكنا على تحمل المسؤولية ، الأن عليك ان تأخذه معك الى احد الابناك وافتح له حسابه البنكي ليضع نقوده في حسابه انا لم اعد قادرة على تحمل النفقة والمصارف ولا اعرف كم بقي من مالي المشترك مع رصيد عبسليمو ولا استطيع تحمل الكثير من التدخلات في عدة اشياء.بعد ما فتح عبسليمو حسابه البنكي ببنك التجارة الخارجية مكنته زوجة الحاج عبو من وضع ارصدته التي كانت تختفظ بها والتي قدرت بعشرين الف درهم مغربي .بعد شهر توصل عبسلمو بالشيك البنكي والبطاقة البنكية(كارط گيشي) وأواخر شهر ماي اعلن عن امتحانات الباكلوريا:تقدما يوسف واالتلميذ الراعي القديم عبسليمو للامتحان وبعد اسبوعين اعلن عن النتائج ومن استحق الاستدراكية.ذهبا الطالبان معا الى المؤسسة الثانوية التي اجريا الامتحان بها للبحث عن اسمائهما في لوائح الفائزين فوجدا اسماءهما في أعلى القائمة أنهما نالا فوزا مستحقا بميزة حسن جدا لعبسليمو وميزة حسن ليوسف. عادا الى مقر اقامتهما يغمرهما الفرح الكبير واخبرا الحاج وزوجته فبدأت اسرة الحاج واصدقاء الطالبين بتقديم التهاني وبعض الهدايا لهما مما اثار استغراب بعض جيران الحاج عبو.كيف أن راعي المعز الذي كان يسرح مع عبو اصبح طالب علم ونال شهادة الباكلوريا ؟.عبسليمو رغم فوزه بشهادته الباك لم يخبر امه واخوته .اعتاد العيش والالفة مع اسرته الجديدة دار الحاج عبو ، بعد اسبوع قرر عبسليمو التسجبل في مكتب سيارة التعليم لنيل رخصة السياقة مما تطلب منه الملف الف ومائتيي درهم .قام بسحبهامن حسابه البنكي. ودفعها الى المكتب المكلف بتعليم السياقة.وبعد شهر تقدم للامتحان فكان من الفائزين برخصة السياقة.يوسف عندما رأى عبسليمو قد حصل على الرخصة وبدأ يسوق سيارة الحاج ويقوم بقضاء اغراض خاصة للمنزل ومسائل تجارية يسافر الحاج من أجلها خارج مداره الحضاري، قرر يوسف ايضا ان يسلك نفس الطريق التي اختارها عبسليمو في امتلاك رخصة السياقة فقام بتوفير وثائق الملف وقدمها لمكتب أوطو إيكول وبعد ايام تقدم للامتحان فكان من الفائزين .اصبحا معا يمتلكان رخصة السياقة.قام الحاج بتسجيل يوسف وعبسليمو في البعثة الخارجية بسويسرا لمتابعة دراستهما الجامعية لأن الحاج تربطه علاقة تجارية وطيدة بسوق السمك الذي كان يرسله من ميناء الحسيمة الى فيبنا وفي كل من النمسا واسويسرا له عدة اصدقاء هنا وهناك.تمكنا الطالبين من التوفر على جوازهما للسفر.وخلال ايام استدعي السيد عبو الى السفارة السويسرية لترتيب ملفات المنح الدراسية للطالبين يوسف ورفيقه عبسليمو ،دفع المبلغ الرمزي الذي طلب منه حيث تم تسجيلهما بالقسم الداخلي في البعثة الثقافية المغربية السويسرية.وخلال فاتح شتنبر قاما بالسفر الى فيينا لمتابعة دراستها الجامعية وكان الحاج مرافقا لهما في الرحلة الاولى على مثن الخطوط الجوية السويسرية.(suisser air ligne) ليمكنهما من الاقامة والترتيبات الاولية بالحي الجامعي بفيينا.تم ذلك بنجاح.وعاد الى ارض الوطن بعدما انهى مهمة الطالبين.الحاج عبو له قارب صيد السمك بمياه بحر الحسيمة اسمه زفزاف 3 قام بتفقد مقر الصيادين واستفسر عن الغياب الذي طاله اكثر من خمسة أشهر لم يقم بزيارة المركز نظرا للملفات الشائكة التي كانت تهم الطالبين يوسف وعبسليمو.ذهب الحاج الى البنك وقام بكشف عن حسابه البنكي مما وجد 70 مليون سنتيم قد ضخت في حسابه سالمة خارج المصاريف والضرائب.عاد الى مقر سكناه وبكونهم بنتمون لقبائل اغمارة سكناهم تتواجد بمدينة اجدير المصغرة فكانت هي مقره الاداري والفلاحي.بعد يوم واحد جاءت ام عبسليمو لتفقد ابنها و البحث عنه بعد ما غاب عن اسرته ما يقارب سبع سنوات ولا اثر عنه ولم يفكر يوما في اسرته.دخلت السيدة طاهرة عند زوجة الحاج سالت عن ابنها فكانت تلك الايام ايام العاشور الذي تخرج فيه الزكاة أيضا .قامت الحاجة بضيافة طاهرة لمدة اسبوع كامل ومنحتها عدة البسة للابناء من لباس الشباب وليس كلباس الأمس وعدد من اكياس الفروماج وعلب السردين وبرميل صغير من زيت لوسيور وأخر من زيت الزيتون وعدد من اكياس السكر والشاي والقهوة وكيس من الدقيق وقالت لها .عبسليمو يا لالة طاهرة لم يبقى راعي المعز .كان ذكيا ويعين ولدي يوسف في مراجعة دروسه وكانا من نفس السن فقررنا ان نغيره من راعي المعز الى تلميذ مدرسة.والان عبسليمو مثل احد ابنائي نفقته من نفقة ابنائي وينادي ابنائي جلهم بإخوته وولدك حصل على شهادة الباكلوريا ودفعهما الحاج الى خارج الوطن لمتابعة دراستهما. لا تخافي عليه انه في امان واصبح الحمد لله رجل وشاب انيق جميل المظهر والقلب والعقل متمكن مما هو مسؤول عنه. اجابت طاهرة بكلمة تعجب وضربت بيديها قائلة عبسليمو ولدي عاد إلى المدرسة والأن حاصل على الباك ؟ آ بني الحبيب يا بني .سير ياعبسليمو الله يفرش لك الرضى يا وليدي الحبيب .انا كنت اعرف انه ذكي جدا منذ صغره و كان منفردا في العقل عن كل اخوته .نعم سيدتي الحاجة .كنت اعرفه .دخل عليهما الحاج وهما يتحدثان في سيرورة عبسليمو فمدها بغلاف مالي :خذي هذه البركة السيدة طاهرة إنها اربعة الف درهم قالت بسم الله توكلت على الله .الله يعطيك الخير اسيدي الحاج. قامت بحسابها فورا وقالت له هل هذه نقود ولدي عبسليمو سيدي الحاج؟أجابها سي عبو لا يا سيدة طاهرة .هذا نصيبك من الزكاة لهذه السنة وقد جئت في الموعد.فرحت بذلك فقامت وطلبت من الحاجة انها ستذهب الى خيمتها حيث توجد اسرتها بدوار السداري لتتمكن غدا من الذهاب الى السوق المتواجد بجماعة الدردارة .الحاج عبو يملك مقهى ممتاز على الشارع الرئيسي بمدينة أجدير وبه فندق انيق يزوره بعض السياح الاجانب خلال العطلة الصيفية معروف عن تلك المنطقة بتدخين الحشيش وانواع المخذرات .نادى على أحد العمال بالمقهى و سلمه مفاتيح السيارة وكلفة بحمل امتعة السيدة طاهرة ووصولها حيث تقطن اسرتها.فتم ذلك.وعاد السائق الى مقر عمله بعدما سلم مفاتيح السيارة للحاج.
لحسن العجيني والد عبسليمو اصبح يعينه بعض ابنائه بعد تمكنهم من العمل منهم من يعمل بالسميگ لدى شركة ما ومنهم المياومين.بدأت تتحسن ضروفهم المعيشية والسكنية.قاموا باستبدال الخيمة ببناء منزل اسمتني مساحتة 140 متر مربع بداخله عدة غرف.اصبح ابناء السيدة طاهرة ولحسن العجيمي ينعمون بالدفئ وتغيرت احوالهم بكثير بعدما كانوا يقضون كل ايام السنة في البرد والجوع وهو يتاجر متجولا ببيع السرديل المملح والقطران.فتح احد ابناء لحسن مقهى بنفس السكن حيث يتواجد على الشارع وله عدة اتجاهات.وبجانبه گاراج ميكانيك حيث ان احد ابنائه يتوفر على ديپلوم ميكانيكي. وبدؤوا يتقدمون شيئا فشيأ فقاموا ببناء السكن العلوي وقسموه الى شقتين تحسبا لزواج احد الابناء .
الطلبة المتواجدين بسوييرا:يوسف يقوم كل عطلة بزيارة اسرته وعبسليمو اعتاد على البقاء هناك كونه يتقن اللغتين الفرنسية والانگليزية كان يخرج كل يوم السبت والاحد وكان يلتقي بعدة شباب من اصل مغربي ومنهم يعملون اساتذة بفيبنا فقرر بمعية استاذ مغربي يدرس الرياضبات فتح مدرسة حرة لتعليم اللغة العربية وكان عبسليمو هو من سيعمل كاستاذ بهذه المدرسة.كل عطلة يعود يوسف من المغرب ويتقاسم الحديث مع رفيقه عبسليمو عن احوال البلاد والعباد وعن اسرته هل من خبر عن امه طاهرة ووالده لحسن العجيمي وعن اخوته.قدما بحثما لاجتياز شهادة الاجازة.عبسليمو تابع شعبة الاقتصاد ويوسف تابع شعبة الفلسفة تقدما للامتحانات المتفرقة كل حسب شعبته مما تمكنا معا من الفوز بالإجازة .عبسليمو استاذ بشعبة الاقتصاد ويوسف شعبة الادب والفلسفة.
طيب.هاتف يوسف والده الحاج عبو بحصولهما على الإجازة كل حسب شعبته ففرحت اسرة عبو بفرح منقطع النظير وبعد وصول العطلة قرر يوسف العودة لزيارة اسرته.عبسليمو رفض مغادرة فيبنا كعادته.لجأ الى التعليم الحر يعمل عشر ساعات بالاسبوع بأجر ستة الف يورو الذي يعادل ستة ملايين سنتيم مغربية شهريا .تسجل في سلك الماستر ودرس سنتبن فتمت المنادات عليه ليقوم بتدريس علوم الاقتصاد لطلاب من أصل عربي والاجر ثمان ملايبن سنتيم شهريا فترك المدرسة الاولى بعد ما مكن احد اصدقائه بمزاولة عمله هناك.وفي السنة الاخيرة انجز بحثة حول الاقتصاد السياحي السويسري ومحيطه الأمني.وناقش اطروحته بنجاح باهر وفاز بشهادة الماستر في علوم الاقتصاد.يوسف خصص له البحث عن الحضارة اليونانية وتاريخ الاغريق ونجوم فلاسفته اليونانيين .فكان ايضا بحثه ناجحا بامتياز عند مناقشته للبحث الفلسفي. تمكنا الاستاذان عبسليمو ويوسف من الحصول على شواهدهما الماستر والديپلومات الموقعة من المعاهد العليا لتكوين الاطر وخريجي معاهد اسويسرا الدولية .عبسليمو كخبير اقاصادي ويوسف استاذ فلسفة. سافر يوسف الى المغرب وقرر البقاء هناك وتقدم لمبارة بالاكاديمة المغربية التابعة لوزارة الداخلية المغربية ليتخرج منها كضابط بالامن الوطني .عبسليمو تابع مشواره التعليمي بالقطاع الخاص بنفس المدرسة التي يعمل بها بتقديم الدروس لطلاب الجالية العربيةفي علوم الاقتصاد .وبدا يتابع دراسته لنيل شهادة الدوكتوراه في الاقتصاد الدولي .مرت خمس سنوات كلمح البصر .تقدم الاستاذ عبسليمو لمناقشة اطروحته في الاقتصاد الدولي بعنوان علاقة السوق الاوروپي بالسوق المغربي في ارتفاع ثمن الاسماك المغربية والارباح التي تتمكن منها سوق البورصة المغربية وتداولاتها الاقليمية التي تغزي دول الاتحاد.والبند الثاني ا TGV والقمر الاصطناعي الذين توصل اليهما المغرب بتوازناته الاقتصادية ما هي تأثيرات هذا الاستثمار المغربي الجديد و علاقته بصندوق النقد الدولي وسوق الاتحاد الاوروپي ؟.
حضر الاطروحة ستة وزراء من النامسا واسويسرا وخبير اقتصادي من پولونبا هم من اكدوا خبرتهم للاستاذ عبسليمو وتمت مناقشة اطروحته لنيل شهادة الدوكتوراه باللغتين الانگليزية والفرنسية.وكان في الحضور صديقين له من اصل مغربي يتابعون بسلك التجارة وسفير المغرب بسويسرا والحاج عبو حضر شخصيا برفقة ولده الكوميسير يوسف من االمغرب.لحضور مناقشة اطروحة الدكتوراه لعبسليمو راعي المعز.فتم التصفيق له واعلان كلمة تهنئة عبر مكبر الصوت من طرف الدكاترة الدوليين الذين ترأسوا الاطروحة للدكتور عبسليمو ومناقشتها امامهم .فتم اعلان بصوت عالي بفوز الدكتور عبسليمو بن لحسن العجيمي المغربي بشهادة الدكتوراه في الاقتصاد الدولي بميزة مشرف ودكتور مبرز .فصفق له الحاضرون بالاجماع من كل الشخصيات وكل الجنسيات.وطالب السيد الدكتور المشرف عن المبارة بتسليمه الميكرو لإلقاء كلمته.اخد الدكتور عبسليمو العجيمي الميكرو مستهلا كلمته بكلمة شكر وامتنان للدكاترة المحترمين الذي قاموا بامتحان خبراته العلمية في الاقتصاد الدولي على الثقة الغالية التي وضعوها في شخصه والتنويه به الذي نال اعجاب الحاضرين فتوقف بعدما بدأ الدمع يسيل من عيناه.قائلا ايها الدكاترة الاجلاء .ايها الحضور الكريم. انا راعي المعز مارست هذه المهنة في صغري بعدما انقطعت عن الدراسة في السنة الرابعة ابتدائي نظرا لظروف الفقر والعيش المزري واسرتي تتكون من تسعة اخوة وانا عاشرهم . اسرتي فقيرة جدا .فقررت الانقطاع والهدر المدرسي لأعين والدي على كسب الرغيف و الخروج الى رعي المعز لتوفير القوت مع أبي لكل اسرتي .وكنت ذكيا اضل نهارا كراعي المعز وليلا اقوم بإعانة ابن التاجر الحاج عبو الاخ يوسف.فتم توقيفي عن رعي المعز واستبدلني برجل أخر ليعيدني الجاح عبو مشكورا الى المدرسة ومتابعة دراستي كمعينا لولده الذي كان ضعيفا جدا بنقطة 3/10 وتم دعمي من طرف عائلة الحاج الذي اكن لها كل تقديري وامتناني الكبيرين واعتبره ابي الروحي.وها أنا اليوم بين يديكم معشر الدكاترة والحضور الكرام امتثل بين يديكم بعدما نلت هذه الكفاءة العلمية في الاقتصاد الدولي بشهادة الدكتوراه.على بلدكم.
اشكركم جميعا ايها السادة والسيدات الاجلاء .واشكر باسمكم سكان فيينا الابية التي احتضتنني طيلة ايام اقامتي كما اشكر الشعب السويسري العظيم.شعب الثقة والعدالة الاجتماعية وحقوق الانسان وافضل دولة في العالم.اقدم لكم اقدس ما املكه من حب لهذا الشعب الابي العظيم واشكر كل المعاهد والجامعات السويسرية التي اعتبرها افضل مرجيات الدراسات العاليمية الناجحة.اشكركم. فوقف كل الحضور اجلالا وتصفيقا لكمة الدكتور عبسليمو وقام قيدوم جامعة فيبنا بعلوم الاقتصاد والعميد الامني الاقليمي بتوشيح صدر الدكتور عبسليمو بحمالة الاستحقاق العلمي السويسري قليلا ما يتوج به الا كبار القادة البارزين في جامعة هانوفر الدولية للعلوم الاقتصادية كافضل طالب علم من بلد عربي بالمغرب ، وتم منحه شيكا بنكيا قدر خمسة الف يورو .فرفعت الجلسة وانصرفنا جميعا كل الى حال سبيله.
الحاج عبو غادر سويسرا جوا وولده الضابط يوسف مما بقي الدكتور عبسليمو لترتيب بعض ملفاته مع المدرسة التي كان يدرس بها تاركا طلبه لوزارة التعليم العالي وتكوين الاطر بتسجيله كاستاذ جامعي بكلية الاقتصاد اذا وافقت الوزارة على ذلك سيتم النداء عليه من المغرب الذي سيعود له حاملا شعار التحدي نعم للدراسة و العلم .لا .للجهل ورعي المعز والمواشي.
بعد اسبوع ذهب الدكتور عبسليمو المغربي الى تفقد احد الاسواق لبيع السيارات وقام بشراء سيارة Opel Bx turboاحدث ما ظهر في السوق السويسري.وجمع كل امتعته بسيارته وعبر الحدود في اتجاه ارض الوطن بالمغرب .عند وصوله الموانئ الاسپانية لم بلقى اي صبوعات عند العبور بالجمارك لأن تأشيرته ثبت وجوده بسويسرا كطالب علم باحدى الجامعات السويسرية.الى ان وصل دوار السذاري بجماعة الدردارة ووجد خيمتهم اصبحت سكنا اسمنتيا واسفله مقهى ضخم وميكانيي وخمس سيارات تنتظر الاصلاح وشاحنة نقل البضايع. وسيارة داسيا بيضاء اللون مكتوب عليها طاكسي اجدير الحسيمة التي يمتلكها احد اخوته.
فتم العناق الحار بأهله من جديد. حقا كان لقاء ألغرباء وقدم لوالديه غلافا ماليا محترما عرفانا لصبرلوالديه ،وتم اللقاء بكل الاسرة والاهل واصدقاء عبسليمو رعات المعز عندما كانوا صغارا.ليعود لاحقا كاستاذ جامعي بسويسرا وسيمكن بعض اخوته من السفر والاقامة هناك قصد العمل الذي سيكون لهم هو الظمانة الكبرى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق