" من مذكرات استاذ جامعي"
"الميزان بين العلم والمال"
عندما يحصل الإنسان على درجة علمية رفيعة ، يشعر بمدى الجهل الذى كان يعيشه ، ويصبح العلم بالنسبه له مثل نهر ماءه كاللبن والطعم مثل العسل ، ولا يَمل الشارب منه ، وإذا تخيلنا أن الإنسان يركب مركبة فضاء أو طبق طائر ( وهذا هو تخصص كاتب هذه المذكرات (درس علوم الفضاء في أمريكا) ، كلما نزل على كوكب وجد أمامه كواكب أخرى كثيرة ، فظل هكذا يتنقل بين الكواكب لا الكواكب تنتهى ولا رغبته للسفر اليها تنتهى ، هكذا العالِم وحاله مع العلم .
وقد حدث مرة حواراً بين غني له مالٌ كثير ، وبين عالِم لديه أيضاً الكثير ولكن من العلم وليس المال، وقف الغني والذى يحمل بين أصابعه سيجار كوبي ضخم لا يقل ثمنه عن 50 دولار ، ونظر إلى العالِم بتكبُر الأغنياء ، وقال بتعالي هل المال أهم أم العلم؟ ، فقال له العالِم بتواضع العلماء ، هذا السؤال مع أهميته تتوقف إجابته على الذى يوجَه له هذا السؤال ، فإذا كان الذى يوجِه إليه السؤال فقيراً ، فسوف تكون إجابته بدون تردد المال هو الأهم لحاجته الشديدة له ، وإذا وجِه هذا السؤال إلى جَاهل ، فحسب حالة الجاهل ستكون أيضاً الإجابة ، فإذا كان الجاهل فقيراً كانت إجابته مثل السابق ، أما إذا كان الجاهل غنياً فسوف يقول بلا تردد العلم أهم ، أي إذا وجهَ السؤال إلى غني متعلم كان أم جاهل فسوف يقول العلم هو الأهم ، هنا تراجع الغني عن عجرفة الأغنياء وقال للعالم صدقت ، وهنا قال له العالِم الفرق بيننا وبين الآخرين في البلاد المتقدمة ، أنهم لم يتوقفوا طويلاً عند هذا السؤال ، بل تقدموا إلى العلم وبالعلم ، ثم العلم أتى لهم بالمال ، وديننا الإسلامي علمنا " إنما يخشى اللهَ من عباده العلماء " ، وعلمنا " هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون " ، ورغم هذا مازلنا نحن نسأل هذا السؤال هل العلم أهم أم المال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق