المتنبي..
في ليلة القمر..
كان طيب الحكمة..
مالك الشعر ..
سيد الشعراء..
يجلس..
قرب قبره في بادية الشام..
يردد الأغاني ويقرض الأشعار..
من مات على حد كلماته..
لم يمت..
وإنما خصمه مات..
فالحياة..
لمن بقاياه خالدة..
وعلى الألسن ذكراه..
وليست لمن يعيش مقيدًا ومسلسلا..
وإن بكل الذهب والجاه ..
كان يومه وغده..
هي حياتي..
عشتها طولا وعرضا..
أمضيتها سفرًا وتنقلا..
زينتها..
شعرًا وتحديًا.
فنحرت..وما مت..
فعلى أغصان شعري تشدو البلابل..
وعلى حد كلماتي تقف النسور..
وتزهر الأحرف من جسدي..
وتحلق بالحكم الطيور..
وتتلو الأيام.. تلو الأيام..
قصتي..
ويردد الدهر بعض السطور..
"الخيل والليل والبيداء تعرفني..
والسيف والرمح والقرطاس والقلم.."
فأبتسم..
وأنعم بدفء مكاني..
ومن هناك أعيد..
أعيد وأنادي..
"من يهن..يسهل الهوان عليه..
ما لجرح بميت إيلام.."
فينقبض الهواء..
ويعم الصمت والسكون المكان..
وكأنما العيون قطع فحم..
وكأنما حجارة آذان الزمان..
فأيمم شرقًا..
نحو الشمس..
نحو الضوء..
نحو النقاء..
و أغادر..
أستحم بضوء الفجر..
أتسلق خيوط البدر..
أسامر النجم..
في حر السماء..
وفي صحبته حزنًا أسافر..
وأنادي.. وأنادي..
"لقد أسمعت لو ناديت حيا..
ولكن لا حياة لمن تنادي.."
فتسقط دمعة فوق تربتي..
متحجرة منذ قرون في مقلتي..
فالمكان مسكون بصمت القبور..
وإن شدت بعض البلابل..
وصرخت بعض النسور..
فالكلمات في بئر الزمان غرقت..
وحلت هنا اللعنة..واللعنة..
و آهات الحزن..
منذ عصور وعصور..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق