قراءة أسلوبية في قصيدة الشاعرة المصرية هدى عز الدين
"أشواق بليدة"
أشواق بليدة للشاعرة هدى عز الدين تجسيم للانفعال بقالب وحسن جمالي فتَّان
بقلم / د. أيمن دراوشة
---------------------------------------------
أشواقٌ بليدةٌ
لو مَحَا الفؤادُ علاماتِ التعجّبِ
ما ظلَّ العقلُ يرسمُ الأسئلةَ
عشيقتُكَ التاءُ
فتحَتْ لكَ آياتِ تسامُحٍ
وأنتَ الهادئُ الغاضِبُ
لا علَيكَ
سوى جَلدِ الغروبِ
كي يحنَّ شُروقِيَ البِكرُ
أو أقِفَ وسطَ الاتِّهامِ
يُداعبُني الاحتراقُ
يخطفُني صمتُكَ
هأنا ألعبُ دورَ الراهباتِ
والعرَّافاتِ
أكشفُ عنكَ ستارَ الحزنِ
أشاطرُكَ العطشَ
في قنّينةِ أملٍ
هل تعلمُ مَن
زرعَ الحُبَّ في قلوبِ الشُعراءِ
ومَن حصدَ
المُعاناةِ
سأُخبرُكَ يومًا ما...
يومَ أنْ تنامَ الشمسُ في أحضانِكَ الجليديةِ
وينصَهِرُ شوقُكَ البليدُ
هدى عز الدين
--------------------------------------------------
نظمت الشاعرة هدى عز الدين قصيدتها بصور تركيبية لغوية في خيط فكري امتد بين أطراف القصيدة، وهذا الخيط يتمحور حول المضمون " بلادة الشوق" هذا الخيط يتمحور حول بؤرة المضمون الذي هو ذو مرونة يمتد في وقد العاطفة المتأججة ويصاحبها على حسب الموقف الوجداني المستكشف من خلال مساقاتها ...
لو مَحَا الفؤادُ علاماتِ التعجّبِ
ما ظلَّ العقلُ يرسمُ الأسئلةَ
عشيقتُكَ التاءُ
فتحَتْ لكَ آياتِ تسامُحٍ
وأنتَ الهادئُ الغاضِبُ
فالشاعرة تستخدم علامات التعجب مكان الشك، الذي يفضي بطبيعة الحال إلى الأسئلة المحيرة، فيما نلمح ذاك الصوغ التصويري بقولها "عشيقتك التاء" وهو تشكيل خلقته عاطفة جامحة تستقطر من دفقة إبداع مثير للدهشة وكنايات مصفاة ممتدة...
يُداعبُني الاحتراقُ
يخطفُني صمتُكَ
هأنا ألعبُ دورَ الراهباتِ
والعرَّافاتِ
أكشفُ عنكَ ستارَ الحزنِ
فالحبيب الغائب صامت، والعاشقة يداعبها الاحتراق، ويخطفها صمت البعيد إلى التساؤل والحيرة والألم.
نلهث وراء كنايات تصويرية، ورسم إيقاع فني متلاحق يتكئ على دفق نفسي يشبه إيقاعًا دائريًا يتزامن مع البث اللغوي في مسار القصيدة.
وقد نلمح في طيات القصيدة اللوم والعتب بسبب بلادة شوق الحبيب وعدم اكتراثه بحيرة التاء.
في المقطع الأخير تتصاعد وترية القصيدة ليتحقق في نهاية المطاف تجسيد لمشاعر معينة، وكل ذلك بتغير الصورة إلى صورة أخرى حسب مرورها بالذهن وكانها حصيلة مغامرة الخيال وهو يجوس بين أحراش الحروف.
فللنظر إلى هذه الصورة التي ختمت الشاعرة بها قصيدتها والتي تعبر بشكل دقيق عن التجربة، وعن قدرة الشاعرة على السيطرة على ألفاظها، فاللغة هنا تخلع شكلا جديدًا على التجربة.
هل تعلمُ مَن
زرعَ الحُبَّ في قلوبِ الشُعراءِ
ومَن حصدَ
المُعاناةِ
سأُخبرُكَ يومًا ما...
يومَ أنْ تنامَ الشمسُ في أحضانِكَ الجليديةِ
وينصَهِرُ شوقُكَ البليدُ
وللشمس هنا مدلول أو وظيفة إيحائية تتصف بقدر كبير من الدقة والإحكام تتسلل إلى ذواتنا مثيرًا خيالاتنا ومشاعرنا وأحاسيسنا، مما دفع بالكلمات إلى الانتظام وتنسيقها في أداء فني مخصوص متجاوزة المجاز التقليدي إلى التناسق الفكري والعاطفي على حدٍّ سواء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق