الثلاثاء، 9 نوفمبر 2021

أمير الرواة ... الجزء الاول و الثاني و الثالث ...بقلم الأديب محمد عيسى

 (أمير الرواة)....الجزء الأول _الثاني _ الثالث


للرواة مملكة...يحكمها طاغية...زوجته تحمل في أحشائها أول مولود له...في شهرها الأخير من حملها...

يريده الطاغية ذكرا ...ليستكمل مسيرة حكم أبيه...


تلك المملكة لا يسكنها إلا راوٍ  أو قاص...وقليلا من الشعراء...

ذات ليلة رأي الطاغية في منامه رؤيا...


جمع كبار المعبرين....

قال أفتوني في رؤياي : إني رأيت فتي يبارزني ...فطعنني بسيفه...


قالوا يامولاي إن هي إلا أضغاث أحلام...


الملك : أيها المعبرون ...أمهلتكم للغد ...فإن لم تأتوني بتأويل رؤياي كان جزاءكم القتل...


"في الليلة التالية رأي الطاغية نفس الرؤيا تتكرر "


وعند الضحي جمع المعبرون مكبلون...


_ قد ضقت بكم زرعا...أفتوني في رؤياي...


قال كبيرهم : أيها الملك إن تأويل رؤياك أن مولود سيولد في هذا الشهر من هذا العام...وسينتزع ملكك إن عاش ذلك المولود واشتد عوده...


يامولاي  ذاك المولود لا نعرف اسمه ولا أبيه وأمه....لو كان بإستطاعتنا لأخبرناك...


"صرخ الملك في جنوده ، أن إبقروا بطن كل إنثي ذات حملا...وأقتلوا كل طفل ولد هذا الشهر"


.........


في كوخ صغير في مملكة " الرواة"...جائها المخاض...وضعت ذكرا...

" جاءت أختها تهرول قالت : إهربي بوليدك إن جند الملك يقتلون كل ذكرا قد وِلد..


........


"في قصر الطاغية ،وضعت زوجتة أنثي ،

لما علم الطاغية إشتاط غضبا ،كظم غيظه ،حملها بين يديه  ،نظر إليها"

قال : ياوريثة ملكي ...لتنهجي نهج أبيكِ...عندما يشتد عودك ستحكمين مملكة الرواة  بيد من حديد .


" بكت الرضيعه ، نزعتها أمها من بين يديه "


قالت : أشفق عليكِ يافلزة كبدي من هول ما ينتظرك...


(أمير الرواة)....الجزء الثاني


إهتز كوخها الصغير...على دق أقدام الخيول  ...حملت رضيعتها تجري ...حتي بلغت أطراف المملكة 

وأمام كهف الراهب وقفت...


" ذلك الراهب يعيش وحيدا في كهفه ، تكاد لحيته البيضاء تلامس الأرض"


"نزيف الولادة ما زال مستمرا ، سقطت الأم أمام الراهب ، وضعت رضيعها بين يديه"


قالت وهي تلفظ أخر أنفاسها : أيها الراهب إحفظ لي وليدي...


" رحلت أمه ، دفنها الراهب علي مقربة من الكهف ، 


بكي الرضيع جوعا "


ترك الراهب كهفه ...نزل إلي المدينة ، إستأجر في الخفاء مرضعه ...إصطحبها معه إلي كهفه ، لترضعه ثم تعود الي المدينة ، هكذا كانت المرضعه تفعل كل يوم...


كانت من عادة  زوجة الطاغية أن تذهب إلي الراهب لتنال بركته في معظم أمورها...


" حملت زوجة الطاغية رضيعتها ، صعدت بها الجبل ، قاصده كهف الراهب ، فلما وقفت أمام الكهف "


صاحت أيها الراهب جئتك لتبارك إبنتي...


" عندما سمع الراهب صوتها ، نظر يمينا ويسارا ، جاهدا حاول أخفاء الرضيع ، ألقى عليه بردته"..


قال : ياصاحبة السمو إجلسي ها هنا


" وضع الراهب يده علي رأس الرضيعة ، بدأ يتمتم بكلمات "


أثناء ذلك خرج صوت بكاء طفل من تحت البرده...


"تقدمت زوجة الطاغية نحو البرده ،رفعت عنه غطاءه "

قالت : أيها الراهب إنه طفل ذكر ، قد جئت بإثم عظيم ، ليصلبنك الملك وطفلك 


الراهب : مولاتي ...ليس بطفلي...دعيني أقص عليكِ ما حدث..


" قص عليها الراهب ما حدث تفصيلا "


قالت : أيها الراهب ...لأخبرن الملك بأمرك والرضيع!!!


الراهب : مولاتي لا تفعلي ...لأقتلنه الآن أمام عينيكِ ...وأدفنه جوار أمه...


" حمل الراهب الرضيع ، تقدم نحو قبر أمه ، وضعه بجانب شاهد القبر"


لما أتله للجبين ...وهم بذبحه...لان الخنجر  عالجين....


"تعجبت زوجة الطاغية "


قالت : أيها الراهب ضع خنجرك علي علي نحره مرة أخري!!!


فلما أتله للجبين...وهم بذبحه...لان الخنجر كالعجين....


إمتطت زوجة الطاغية فرسها تحمل بين يديها رضيعتها...


قالت أيها الراهب إن لفتاك شأن عظيم ، وأعدك ألا أخبر الملك ، 


" وضع الراهب يده علي رأس الرضيعه"

قال مولاتي أبشرك بمجد إبنتك ستعيش طويلا حتي ترث الملك من أبيها...


قالت : وماذا عن فتاك ؟


هل سيعيش طويلا ؟!!


نظر الراهب إلي رضيعه دامعا...


قال مولاتي سيرحل فتاي بجسده...وستخلد روحه ...


مولاتي أبشرك أن فتاي هو أمير بلاد الرواة ...سينتشر العدل في  زمن حكمه...ستمتد مملكته حتي عنان السماء...


" بينما همت الأم ورضيعتها بالمغادرة ، فإذا بالطاغية خلفها "


قال : أيتها الخائنة ...قد سمعت ما دار بينكما !!!


أيها الجنود أقتلوها والراهب....


 وآتوني بالرضيعين معا إلي القصر ...


توالت طعنات الجند ....سقطت والراهب ...يهتفان معا " المجد لأمير بلاد الرواة..


(أمير الرواة ) ....الجزء الثالث والأخير


عاد الطاغية بالرضيعين إلي القصر...


قال ياوزيري : أوقد لي علي قدر الماء حتي يغلي ...وضع فيه الرضيع حتي يذوب لحمه أمام ناظري...


الوزير : مولاي لنربي ذلك الرضيع علي السمع والطاعه...ما زال صغيرا...لنهبة الي احدي خادمات القصر ...لينشأ خادما لجلالتكم...سأجعل منه خادمك المطيع...


الطاغية : نِعم الرأي ...أصبت ياوزيري الأمين...


............بعد مرور عشرون عاما .................


أيتها الأميرة...إشهقي نفسا عميقا فاحبسيه داخلك...ثم شدي القوس بروية وثبات...لا تتكلمي ولا تهمسي فيهرب صيدنا الثمين....وعند إشارتي أطلقي السهم....


" عند إشارته أطلقت سهمها ، إخترق جسد الأرنب البري الضخم "


قالت : أيها الخادم ...إنك معلم ماهر ... هيا اذهب مسرعا وإتني بصيدي قبل أن يهرب ...


" جري خادمها مسرعا ، جاء بالصيد علي كتفه "


" جلسا كعاتهما بعد كل صيد ، تحت تلك الشجرة التي شهدت طفولتهم وشبابهم معا ، ككل مرة يجمعون الحطب ، ويضعون  صيدهم علي نار هادئة حتي إذا إستوي أطعمته الأميرة بيديها ويطعمها بيديه"


قال لها : يأميرتي قد شغفت بكِ عشقا ...ليتني أميرا ...او ليتكِ خادمه مثلي


قالت : يافتاي وهبت قلبي لك...فتربع علي عرشه أميرا ...يافتاي إن كان جسدي سيكون لغيرك...فاعلم أن قلبي قد إمتلكته أنت للأبد...يافتاي ضمني بقوة بين زراعيك ....ففي حضنك عالمي ومملكتي 


" فلما هم بها وهمت به "


فاذا به يستيقظ علي صوت أمه : " استيقظ يابني....الساعة الأن الثامنه وموعد ندوتك قد حان"


فتح الفتي عينيه ينظر حوله ليكتشف انه داخل غرفته ...لا أميرة ...لا قصر ...لا مملكه


أدرك أنه حلما ....تذكر أنه سيتوج في ندوة الليلة بلقب " أمير الرواة"....نهض مسرعا كالمجنون ...غسل وجههه ...إرتدي قميصه وبنطاله....


ياأمي أين حذائي ...أين هاتفي ...ساعديني سيضيع أهم حدث في حياتي...


" صفف الفتي شعره ، نزل مسرعا ، لكن الندوة قد بدأت منذ دقائق "


تاكسي ....تاااااااكسي...من فضلك أسرع بي إلي ذاك العنوان، هيا إنطلق


سائق التاكسي : ياستاذ اهدا شويه محدش واخد منها حاجه ....لو ربنا كاتبلك هاتوصل في ميعادك هاتوصل...انا دايس بنزين علي الاخر اهوه هاعمل ايه تاني...


"فجأة إنفجر إطار السيارة ، نزل السائق يساعده الفتي ، شرعوا في تغيير الاطار "


.........

أحد أعضاء اللجنة : أيتها الشاعرة قد تأخر الفتي المتوج باللقب ولن يحضر وهذا يعتبر تنازلا ضمنيا منه لمن هو بعده حسب القواعد التي وضعناها....إعتلي المسرح الآن وأعلني عن الفائز باللقب ...الذي يليه في الترتيب ليتوج ب " أمير الراواة"


الشاعرة : سننتظر خمس دقائق أخري ...فإن لم يحضر أعلنت عن الثاني في الترتيب لنتوجه باللقب...


" بعد وقت قصير ...أنتهي السائق من تغيير الإطار...أدار محركه....إنطلقا من جديد "


بعد خمس دقائق صعدت الشاعرة علي المنصه. أمسكت المايك...تذكرت فتاها الغائب ...أدمعت عيناها...


قالت : السيدات والسادة الحضور الكرام ....فكما أن للشعر أمير....وقد لقب بها أمير الشعراء أحمد شوقي....فللقصة أيضا أمير ....السيدات والسادة يسعدنا ويشرفنا أن نطلق اليوم لقب أمير الرواة علي الراوي والقاص / ...........


تقدم الفائز إعتلي المنصة بين تصفيق حار وهتافات الحاضرين ...


" وصل الفتي متأخرا ، وقف علي الباب ، شاهد بعينيه لحظة التتويج ، تقاطرت دموعه"


سلمت الشاعرة درع التتويج لأمير الرواة....فنظرت ناحية الباب لتجد فتاها واقفا دامعا....نظرت إليه ونظر إليها ودموعهما تتقاطر...


عاد الفتي إلي منزله ....دخل غرفته....وضع رأسه علي وسادته...أغمض عيناه....غلبه النعاس...


.....

" فلما همت به وهم بها "....

فإذا بعجوز شمطاء وقفت أمامهم....

قالت الأميرة  : أيتها العجوز ماذا تريدين أفسدتي علينا أجمل لحظاتنا...

قالت العجوز : أيها الفتي أنا مرضعتك !!!قد شهدت ما حدث لكما عند كهف الراهب..


( أمير الرواة)....النهاية

بقلم محمد عيسى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق