نص : أوراق لدفن ما تبقى
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°. °°°°°
... بلا لهب اشتعلت،وأطفأني الحرف المعذب،صُلبت بين أيدٍ ناعمة الخشونة ولم أكن صليبا،الكلمة امرأة عارية بين ذاكرتي،سأدفن فيها ما تبقى،سأحكي لأولد ساعة عوز،لا خيار لي سوى البحث عن منفى خارج منفاي،أكتب الآن آخر أوراقي التي تناثرت بين عيون سلمى،وما تركت غير حروف صاغها الوداع أنشودة أخيرة،أذكر آخر لقاء جمعنا،فيه افتضت أحبولة المجهول وسال نسغها حليبا مرا.أيتها الضائعة في انشطار الكبرياء،أيتها الرابضة في نوبات الجرح،زجيني في اشتباكات السوسن الذابل قسرا،فما عدت أحتمل جموحي،أراك بين عيني شمعة ،وأخاف احتراق أصابعي...كأن المساء يشبه المساء،أوكأن الله استدرجني إلى ذاكرتي الموشومة،قلي من أنت؟أقول لك : لست أدري!أو أعتقد أني نسيت وجهي! زدني تشظيا،كي أزداد وضوحا!
على قمة الجبل المطل على عوالم السحر المتوهج في بورك والدعادعة ،انصهر الوجع أغنية على إيقاع الذاكرة ،اختلطت فيه صوفية المكان مع متعة اللحظة الايروتيكية ، لم يسبق لي ان تفردت بامرأة قط ،أحسست بارتعاشة لست ادري كيف اسميها ،لاحظت سلمى ذلك استفسرتني قائلة :
ـ ما ذا أصابك ؟
لم أحر جوابا، إحساس لا يفسر ، اختلاط الدهشة بالحلم ،السقوط بالنهوض ،ارتكاسات الماضي وإشراقة الآتي ،تذكرت كل العوالم البائدة ،كل المواقع الدفينة في خريطة روحي المهترئة ، سلمى امرأة مثالية مع نفسها ،تعيش لعبة العواطف السابتة، وبدت لي خلالها تفاحة أينعت وحان قطافها ، لكن ليس بالسهولة التي تخيلتها ، في الأيام الماضية غير ما مرة كانت تعمد اللعب على خاتمها النحاسي ربما إيحاء منها لافتقادها للامان ،وكنت رغم معرفتي بهذا لا أبالي ،أو بالأحرى اقصد اللامبالاة ،وفي لحظة من لقاء سابق صارحتني ببغيتها :
ـ أريدك أن تتزوجني .
وقفت متسمرا في مكاني ،انبهرت من كلامها ،وتساءلت :
هل فعلا قصدت ذلك ؟أم هي مجرد إسقاطات نفسية أملتها ظروفها الآنية ؟
الغريق عادة لا يفكر سوى في النجاة ولو على حساب أمور كثيرة ،كذلك كانت سلمى تريد الهروب من ملجئها المترامي الأطراف ،من جلاديها الذين لا يتقنون سوى لغة السوط ، وكنا نتقابل في غفلة عن الزمن وعن الأهل تستعمل أساليب المراوغة من أجل الظفر بلحظة دافئة ،صراع بيننا كان يتبلور في الخفاء ، كان الزيت يدب رويدا رويدا نحو النار.
إدريس بندار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق