قصة بعنوان / يتم على قيد الحياه
دخلت بيتنا ، أقصد بيت أمي و أبي ، صمت قاتل كان في استقبالي ، قالت أختي و هي تسلم علي ، أتيت بدون أن تخبريني :
قلت أردتها أن تكون مفاجئة .
دخلت غرفة أمي ، وجدتها شبه نائمة ، قالت من :
أجبتها أنا أمي ، سلمت عليها ، قبلت يدها المحمومة، لكنها عادت لتغفو من جديد .
كأن صوتي ماعاد يذكرها بشيء ، و كأن المرض أنساها الشوق للأبناء، و كأنه سرق منها أمومتها.
تمتمت رأسي يؤلمني أريد حبة مسكن .
و عادت تنادي على أسماء لا نعرفها ثم قالت أسندي رأسي على الوسادة أريد أن أجلس أرتاح من النوم ...
أمسكت دموعي ، لا أريدها أن تعرف أنني تألمت ، خرجت من غرفتها في اتجاه غرفة أبي ، فبعد أن مرضا ، أصبح لكل منهما غرفته الخاصة به ، كأننا في مستشفى صغير ، هل أخبرتكم أنهما لم يكونا ليفترقا ما يزيد عن ستة عقود .
دخلت غرفة أبي قبلت يده قلت هل تذكرتني :
قال بصوت خافت من أنت ؟!
قلت إبنتك ..نظر إلي مجددا كأنه يحاول أن يتذكرني .
ثم أسند رأسه على وسادته ، ليخلد للنوم من جديد ،
سألته هل تتألم ؟!
قال : قليلا لكن الحمد لله
رغم أن جسمه كله تقرحات من كثرة النوم لأنه لم يعد يستطيع أن يتحرك لوحده .
ذبلت العيون الزرقاء ، ذابت العضلات المفتولة ، أخذ منه المرض كل ما استطاع ، عاد لوسادته الباردة ، فهي تتحمل هذا الجسم الذي أضعفه المرض و الحزن ...
أنين هنا و هناك
و لنا آهات نحن الأبناء ، كل منا يحمل في عيونه حزنا و ألما يمزقه بدون أن يبوح به .
أبحث عن دفء كان هنا ، صخب الحياة ، ضجيج الأحاديث ، متابعته هو و أمي للمسلسلات . أحاديث لا تنتهي ، هنا و هناك في كل ركن من هذا البيت ، في كل زاوية حياة و دفء و صخب .... أبحث عن حضن أمي فلا أجده ، عن حرارة عناق أبي فلا أجده .
عن رائحة قهوة أمي ، أكلات أمي ، رائحة الخبز و هو في الفرن يغري .... آه ثم آه ثم آه
كيف تغير منزلنا المفعم بالحيوية و الحياة إلى مستشفى صغير ،لكل غرفته ، و لكل طاولة أدويته ...
أحاديثنا في المنزل أصبحت مجرد أسئلة عن قياس السكر و ضغط الدم و هل أخذت أمي أدويتها ، و الخوف من نزول اوصعود نسبة سكر أبي ....
و هل تذكر من تكون !؟ و هل تذكرت من تكون !؟ لعن الله الزهايمر فقد حول حياتنا إلى موت على رصيف الحياة .
لا شيء أختي عاد كما كان بعد رحيلك ، فقد أخذتِ معك أختي الدفء و الحنان ، أخذت جو الأسرة و الأحضان ، و أخذت معك أختي كل ما كان ....
أخذت الفرحة و حلاوة الأعياد و المناسبات أخذت كل ما كان ...
لا شيء عاد أختي كما كان ...
أصبحنا أيتام على قيد الحياة
رحمك الله أختي
و لطفك اللهم
لطفك اللهم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق