الأربعاء، 29 سبتمبر 2021

سجينة الزنزانة...بقلم الأديبة محبة جو

 سجينة الزنزانة 


أتحدث هنا عن نفسي عندما أوقفتني السلطات الإسرائيلية 

في إحدى سجونها ...


أيها الوقت .. هب لي بعضا من الحركة والفعل دون أن أشعر 

أو حتى أحس .. 

أعطني بعضا من حياتي التي سرقتها من الموت ..  لا أريد أن أبقى هكذا مجرد كتله طين تسمى الجسد وسبعون كيلو غراما من اللحم المخلوط بالعظم .. أريد أن أحدث شيئا يخرج إلى العالم بأسره 

وأنا حبيسه هذه الجدران الأربعه. .

لن أكترث للظلام .. سأتأبط ذراعه المرتحفة وأعماله بطيبة قلب .. سأدفن كل ذكرياتي الميته قبل أن تفوح رائحتها النتنه .. .. لن أصاب بالزكام لمجرد امرأة تعبر على سطح الذاكرة ... 

أيتها الوحدة هل ستبقين معي كنغمة كمان حزينة .. أفيقي من يأسك وأبصقي برتقالات الوجع الأخرس التي اطعموك إياها ..

تكلمي معي دعي صوتك يخرج عبر شقوق القضبان وقولي لمن يضعون مفتاح الزنزانة على خصرهم بأنني أملك اليد السحرية التي تقذفني إلى الحرية دون الحاجه إلى مفاتيحهم النحاسية هذه الكلمة ليست .. ( افتح يا سمسم ) بل افتح يا قلبي 

نعم .. قلبي الذي ما زال به رمق من أمل ... 

وضعوني هنا وخطوا بأيديهم العفنه شعارا على السقف الموت هو الهدف الحياة النهائية. . لم يعرفوا أن الموت لم يعد هذا الأخطبوط الشرس بشبكاته المتشعبه وافعواناته اللانهائية يشكل تهديدا خطيرا لي .. بل إنه لو واجهني سأقول له .. أيها المنجل الطائش مهما عدوت ورائي فلن تأخذ مني أي شيء سوى كومة من العظام النخرة والأوحال وستصبح بعدها عاطلا عن العمل .. حضروا لي على الارضيه حفرة واسعة من اليأس لكي أقع بها .. لكني تجنبت السقوط 

وصرت أخيط أحلامي الطليقه بإبراة الحرية مع نجوم الفضاء تناظرني بنصف وجوه من خلال سقف الحائط .. ارتقيت الهواء الجموح دخلت جزيرته وتوجت نفسي ملكة عليها  .   

أيها النهار .  كم يحلو لي أن أتحدث بلغتك دونما كلمات. . لغتك التي تفصح عن جوهرها من غير أداة تعريف .. وكل حروف الجر والتشبيه والنفي سأحاول بهذه اللغة المضيئة أن أختصر الظلام كله بكلمة واحدة وأجز عنقه فحياته عندي لا تساوي بصلة ..  

أيها السجانون احيبوني .  هل يمكن أن يهجر الأمل صاحبه كما يهجر الطائر عشه عندما يكتشف انهم وضعوا بجوار الشجرة التي يقيم فيها آلة لعجن الإسمنت وأخرى تحفر الأرض استعدادا لتحويل الحديقة إلى موقف للحافلات ؟ 

هذا الطائر الذي هو انا .  لن يرضخ لحصاركم فقد عشت دائما مد بصري إلى مدينة الحلم التي تملأ قلبي والتي اعرف أنها ستكون بديلا جميلا لبؤس الواقع ومعاناته 

أيتها الروح المؤمنة .. ساعدني في عقد ربطة عنق زنبقية حول قلبي .. نجدل من ضفيرة السماء سلما وترتقي غيمة المنتصرين. . فلنلون الضوء ولنضع بين كل زهرة واسمها مساحة لحلم .. حلم سجينة بالحرية 


Mahba Jo

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق