"من مذكرات أستاذ جامعي"
"حب الوطن فرض"
بمناسبة مباريات كأس العالم في كرة القدم ، رأيت الدموع في عيون الكبار والصغار والنساء والرجال ، والمدهش في المدرج الواحد ممن يحملون أعلاماً مختلفة ، وتستطيع بسهولة تصنيف هذه الدموع ، إلى دموع هزيمة ودموع إنتصار ، والعجيب أن أحد من هؤلاء المشاهدين لن يأخذ ، ملايين الدولارات التي سيأخذها اللاعبين أو بلادهم في حالة النصر ، أو يخسروها في حالة الهزيمة ، فلِما كل هذه الفرحة وكل هذا الحزن ، بحثت في مذكراتي فوجدت الإجابة في هذا الموضوع ، "فعندما كنت طفل صغير ، كنت أعتبر حب مصر أم الدنيا فرض على كل البشر ، وعندما أقرأ في التاريخ حروب وكراهية ضد أم الدنيا مصر ، كنت أتعجب مين يكره أمه مصر ، وكبرت وعرفت أن حبي لبلادي لا يختلف ولا يزيد عن حب الأخرين لأوطانهم ، وأن كل إنسان يحب المكان الذي ولد فيه وكبر فيه وتعلم فيه ، وأصبح حبه شيء غريزي في كل قلب ، وأدعي أني زرت كل البلاد العربية وبعض البلاد الإفريقية والأسيوية والأوربية والأمريكية ، وكلما تحدثت مع أحد وجدته يملك مثلي عاطفة الولاء لوطنه ، وكلما تحدثت مع فلسطيني أو فلسطينية وجدت الحسرة في الكلمات ، في كل البلاد التي زرتها كان الفلسطيني أو الفلسطينية يقولون لي أنت سوف تعود إلى وطنك وقتما تشاء ، أما نحن فالله أعلم متى سنعود ، ورغم الرفاهية التى قد يعيش فيها بعضنا ، فإنها لا تعوض عن الوطن ولو عشنا فيه بلا رفاهية ، وأرى الدموع في العيون ، ومرة سيدة وزوجها من فلسطين دعوني لبيتهما لكي أطعم طعام فلسطيني ، ووجدت السيدة الفلسطينية تحضر لي أثواب فلسطينية تحتفط بها وتحضر بها المناسبات ، صنعتها بيديها وتصنع لبناتها كذلك حتى لا تُنسى فلسطين ، وأسرع وأحضر لي زوجها الفلسطيني مفتاح داره في حيفا وأوراق الملكية لهذه الدار موقعة من المندوب الإنجليزي عندما كانت فلسطين تحت الإنتداب ، وحضرت أنا مرة في أمريكا مؤتمر عقده إتحاد الطلبة الفلسطيني ، وسمعت من أحد المتكلمين ، رجاء أن يحافظ كل واحد على وطنه ، ولا يسمح أن يتحول أهله إلى لاجئين ومشردين ، هنا تذكرت الأغنية الأشهر حب الوطن فرض علي تأليف أمين حسن الهجين وتلحين الرائع الموسيقار محمد عبد الوهاب ، وأنا كنت سمعتها وهي تُغنى في حفلات الموسيقى العربية ، وكنت أشعر بقشعريرة كلما غنت".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق