(((الثقافة والاعلام وما بينهما )))
المفكر العربي الكبير طارق فايز العجاوي
* ـ اثبتت كافة الدراسات والأبحاث التى تناولت هذا الموضوع أن الإعلام كان الأقدم والأسبق من الثقافة والدليل على ذلك حاجة الإنسان الماسة للإعلام فهو ضرورة من ضرورات البقاء وما الإشارات والأصوات التى كان يصدرها الإنسان القديم لابناء جلدته إلا خير دليل على ذلك وهى فى واقع الحال صورة من صور الإعلام ولكن بصورته البدائية .
على كل الأحوال ليس الهدف من كتابة هذه السطور لمعرفة أيهما أقدم أو أسبق إلى الظهور ولكن الهدف هو معرفة مدى العلاقة بين الثقافة والإعلام لا شك إنها علاقة موغلة فى القدم ويكاد يكون هدفهما مشترك ألا وهو التواصل والتحاور مع الآخر سواء بهدف التاثير عليه أم التأثر به فنجد أن الثقافة بحكم طبيعتها ذات جانب وهدف إعلامى والمتمثل فى تعبير الإنسان عن موقفه من ذاته أو من الآخر أو من كل ما هو محيط به لذلك نلمس الثقافة فى المادة الإعلامية وأيضاً الإعلام فى المادة الثقافية ولكى نوضح الصورة ونقربها نجد أن المثقف بكل ابداعاته من آدب وفن وفكر .. ألخ .. لا يكون هدفه الرتابة والابداع لنفسه بل لطرح هذه الابداعات بمجملها للأخر ليدل على مكنونات نفسه ويوضح اراه من شتى المسائل والقضايا .
وعليه فمن الواضح أن العلاقة بينهما متداخلة متلاصقة فكلاهما يبث بالآخر ويمتزج بنسيجه إلا أن التطور الذى طالهما تبعاً لتطور الحياة أدى بالضرورة إلى التباين والخصوصية فى وسائل كل منهما .. إلا أن هذا التطور فى مفهوم الإعلام وتحديداً فى وسائله جعله يثاءر من الثقافة وهيمنتها ويرد لها بعض الدين من ذلك الزمن الذى جعل كلاهما يختلط ويمتزج بالآخر فعلى سبيل المثال الذى يقراء الشعر القديم يلمس به وببساطة المادة الإعلامية فكان الحاكم يحتضن الشاعر ويقربه منه ليكون لسانه ووسيلته الإعلامية وذلك ليظهر محاسن القبيلة ومساوء القبائل المعادية أو ليمدح موقف ويذم آخر لذلك نراه شاعراً إعلامياً بالدرجة الأولى فهو الناطق باسم الحاكم والقبيلة المدافع عن اهدافها ومواقفها المشيد بموقف أو المفند لآخر .. ولا يخفى على أحد ما جاء فى كتاب الله العزيز من آيات افحمت خصوم الإسلام وارغمتهم باعجازها وبلاغتها وامثالها وقصصها على التسليم بصحة وعظمة هذا الدين الحنيف فكانت أهم بل أبلغ إعلام لرسالة الإسلام جعلتهم رغم المعتقد الذى كان سائداً عندهم يدركون صحة وعظمة هذه الرسالة .. وعد فمهما وقع من تباين أو اختلاف أو تداخل أو ترابط بين مفهوم الثقافة ومفهوم الإعلام يبقى فى ذات النوع والدرجة وليس فى الهدف والغاية على اعتبار أن كلاهما بالمفهوم السليم والصحيح يرمى إلى ذات الغاية والهدف وهو توعية الإنسان وتنويره .
المصطلح الاستدلالي : فكر.
مفكرون عرب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق