سَفَرُ الأشعَارِ
*************
ذَاتِ يَوْمٍ قُال لِي : مَارَأيكْ أنْ نَلْتَقِي
لِيَوْمٍ وَاحِدٍ فَقَطْ
يَاسيّدَ الْغِيَابِ إنَّ الْفِرَاقَ كَتِبَ عَلَيْنَا
قَبْلَ اللِّقَاءِ ، وَلَمْ يتبقَّ سُوى أحْلَامنَا التَّائِهِة .
فِي زَحْمَة الْحَيَاةِ
يُحَاصِرُنَا الْمَوْتُ وَأحْكَامُ الْقَدَرِ ،
وَالْهَجْرُ عَلَيْنَا انْتَصَرَ ،
لَا أرْضَ تَحْمِلُنَا وَلَا تَنْبُتُ أزْهَارَنَا فِي الصَّخْرِ ،
يَاسِيدِي تَلَاشَتْ خُطُوَاتُنَا وَبَعُدَتِ أسْفَارَنَا ،
وَتبعَثَرَت الطُّرُقُ ، وَضَاعَتْ بِنَا الدُّرُوبُ
وَتَنَاثَرَ فِيهَا عُمْرُنَا كَحَبَّاتِ الْمَطَرِ ،
سَرَى الْغِيَابُ عَلَى أوتَارَ قَلْبِي الْموجوعة ،
وَالْيَأْسُ عَسْكَر فِي مُدُنِ هَائِمِة
تَغْزُو جُيُوش الِأشْوَاقِ
لِتُعْلَنَ حَرْبا فِي زَمَنِ الْحُرُوبِ
لَاسِيفٌ فِي مَعْرَكَتِي وَلَا خِنْجَر ،
وَالْحَنِينُ يُحَاصِرُنِي وَانَا الْخَاسِرُ الِأكِبُرُ . . . ! !
يَاسِيدِي رَمَيْتُ سَهْمَكَ فَتَغَلْغَلَ دَاخِلَ أعْمَاقِي
بَاتَ مُتْعِبًا مِنْ شِدَّةِ الْأُلم . . .
أحْرَقَتْ جَمِيعَ مَاسَطَرَتْ
دُمُوعَي الْمُتَجَمِّرَة وَدَفَاتِرِي
انْتَظِرَت بُزُوغَ الْفَجْرِ لَألْمَلْمِ
أجْزَائِي الْمُتَنَاثِرُة ؛ لِأتَرْجُمَ وَاقِعَ أفْكَارِي ،
يَاسِيدِي مَازَالَ قَلَمِي يُنْبِضُ بَاحِثًا عَنْكَ
فِي وَسَطِ الإعْصَارٍ ،
ايْقَنْتُ يَاسِيدِي . دَرْسًا تَعَلَّمْتُ مِنْكَ
أنْ أجْمَل مَافِي الْغَرَامِ أنْ يَكُونَ
عَنْ قِنَاعِةٍ وَاقْتِنَاعُ ذَلِكَ هُوَ الْحُبُّ الْحَقِيقِيُّ . . .
وَأدْرَكَتُ أنْ الأمْنِياتِ تَتَسَاقَطُ صَفْحُةً تَتْلُو صَفْحَةً فِي مَهَبِّ الرِّيحِ . . . ! ! !
يَاسِيدِي كُلِّ الَأيَامِ وَالشُّهُورِ
تَجَاوَزَتْ عَلَى ضِفَافِي ؛
رِفْقًا بِي فَأنَا أبْحَر ضِدَّ الْيَتَارْ ،
تُضطرَمُ الأشْوَاقُ ؛ لِتُوقَدَ فِينَا ظُنُونَا هَاوِية . . . ! !
قَدْ سَافَرْتُ أشْعَارِي إلْيْكَ ؛ لِتلغي الْمَسَافَاتُ ،
وَتُرْسُمُ جُسُورٌ للعَابِرِينَ . . . ! !
يَاسِيدُ الأقْدَارِ شُكْرًا مِنَ أعْمَاقِي
عَلَى سِنِينَ حُبْكَ ، مَابَينَ خَرِيفٍ وَشِتَاءٍ
وَغُيُومٍ وَمَطَرٍ وَرِيحٍ وَإعِصَارٍ . . .
عُذْرًا عَلَى دُمُوعِي الجَارِيَات فِي مَوَاسِمِ
سَهْرِي الطَّوِيلِ . . .
عُذْرًا عَلَى الْحُزْنِ الْعَمِيقِ ،
عُذْرًا مَاعَادَ الصَّبْرِ فِي قَلْبِي
وَقَدْ تَعَرَّجَ جَمِيعُ أوَرْدَتِي
وَخَابَ سُؤْءَ ظَنِّي فيمَنْ كُنْتُ بِهِمُ أَرْغَب ، وعقدتُ عَلَيْهِم الآمالَ . . .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق