♠ ♠ ♠ ♠ القصة قصيرة ♠ ♠ ♠ ♠
♠ ♠ ♠ حي الغورية ♠ ♠ ♠
♠ ♠ هو يسكن فى شق ضيق فى حي الغورية القديم ، غرفة واحد وفسه (صالة) ، وركن يسمى مطبخ به وابور عادة لا يستعمل ، وكبينيه (دورة مياه) ، يعيش مع أمه الضريرة ، وأب كبير ضعيف النظر ، نجح في الثانةية العامة ، وأختار كلية الآداب ، حيث الدراسة لا تحتاج للتفرغ ، وهو يعمل فى الأجازة ، وبعض الأيام بائع للأقمشة كما هو المعتاد بيعه فى هذا الحي ، والشق مكان سكنه ، بيوته متلاصة تنعدم فيها الخصوصية ، فمصر تتكون من شوارع واسعة بها إنارة وأسماء راقية مثل شارع قصر النيل ، ثم يضيق الشارع إلى حارات ، وللحارة أسماء غريبة مثل حارة العيش والملح ، وتضيق الحارة إلى أذقة مثل ذقاق المدق ، وتضيق الأذقة إلى دروب مثل درب المهابيل الموجود في السيدة زينب فى القاهرة ، ثم تضيق هذه الدروب إلى شق مثل شق الثعبان الذى لا مجاري فيه ولا إنارة ، وتتلاصق البيوت ، ولان السكان يلقون المياه على أرض الطريق ، لذلك تصبح الأرض كبركه ماء عفن تنشر الحشرات فيها وكذلك الرائحة الكريهه ، وأمام كل بيت توضع قطع من الأحجار حتى يسير السكان عليها عند خرجهم من بيوتهم ، حتى يصلوا الى مكان جاف ، ثم إلى الشارع حيث يمكن أن يستقل من يشاء الاتوبيس أو الترام وبطل قصتنا يستقل الأتوبيس إلى الجامعة في الصباح ، وقبل أن يذهب يأتي لامه وأبوه بطعام الإفطار ، والذي لا يختلف كل يوم عن الفول والطعمية والباذنجان وأحيانا بطاطس ، ويطمئن أنهما قد فطرا ، ثم يقبل يد كل منهما ويطلب الدعاء ويخرج ، وبطل قصتنا يرتدي حذاء يلمعه كل يوم ويلبس معه شراب لا يخلو من الثقوب ، وبنطلون يوضع تحت المرتبه عندما يعود للبيت ، حتى يظهر بدون كرمشه عندما يلبسه في اليوم التالي ، وقميص يبدو أنه فى يوم كان لونه أبيض ، ويحرص على عدم الإقتراب مع أحد من زملاء الدراسة ، حتى لا يطلب أحدهم زيارته في بيته الذي لا عنوان له ، ولم يحضر له في يوم من الأيام ساعي بريد ومضت سنوات الدراسة ، وحصل على الليسانس ، وحاول الحصول على عمل مستقر ، فقد ظن أن حصوله على الليسانس سوف يفتح له الأبواب ، وقد خاب ظنه ، فاستمر يعمل بائعاً للأقمشة والملابس ، وفي مرة وهو يسير في الطريق يفكر في أمره ، ويُمني نفسه أن يحصل على عمل مستقر ، يمكنه من أن يسكن أمه وأبوه في بيت يناسب سنهما ويقضيان أيامهما الأخيرة في راحة ، وبينما هو مشغول الفكر صدمته سيارة مسرعة كان يقودها رجل أعمال ، توقف الرجل وأخذه في سيارته وذهب به إلى مستشفى خاصة ، فقد كسرت ساقه اليسرى وبعد عمل الإشعة أدخل إلى غرفه في الدرجة الأولى ، وفرح بطلنا عندما وجد نفسه في مستشفى نظيف وسرير نظيف ، تمنى أن يعيش طويلاً في هذا المكان ، وأول ما فكر فيه هو أن يحضر أبوه وأمه ليقضيا معه بعض الوقت في هذا النعيم ، أخبره رجل الاعمال أنه سوف يتولى علاجه ، ولا داعي لإبلاغ الشرطة ، وسأله عن عمله فقال له: إنه يبحث عن عمل ، أخبره أنه سوف يعينه في إحدى شركاته بعد شفائه ، وهنا تذكر بطل قصتنا أمه وأبوه فهما لا يعيشان إلا بمساعدته ، فهو يحضر لهما كل شيء خصوصاً الطعام ، فطلب من رجل الأعمال بعد أن أخبره أمرهما أن يأتيان هنا معه ، فقال له رجل الأعمال وإنه يتحمل تكاليف إقامة مرافقين معه مهما بلغت قيمة الفاتورة ، المشكله كانت كيفية إحضارهما إلى هنا حيث لا عنوان له ، وهنا تذكر فأعطاه عنوان معلم كان يعمل عنده في أول الغورية فعنوانه معروف ، وكتب له أن يحضر أبوه وأمه إلى سيارة رجل الأعمال المنتظرة في الشارع ، وحضرت الأم والأب ، وأحضرت المستشفى لهما سريرين إضافين في غرفته ، وطلب رجل الاعمال من المستشفى مراعاة الابوين صحياً ، ولما إنتهى العلاج أهداه رجل الأعمال شقة صغيرة فى عمارة له في منطقة 6 اكتوبر ، وعين الابن في شركة له قريبة من السكن ، وتغير الحال بفضل دعاء أبوين له لبره بهما ، وعُرف فى مكان عمله بإجتهاده وإخلاصه مما أكسبه ثقة الأخرين بسرعة ، وعلم رجل الأعمال بثناء من معه على عمله فشجعه ، إهتم بثيابه وشكله ، وأحضر من يخدم أمه وأبوه ليتفرغ هو لعمله ، الذي سرعان ما تبؤ مركزاً مرموقاً فيه ، وتعرف على زميلة له لفت نظره اليها بساطتها ، وإخلاصها فى عملها ، مما أدى هذا إلى أن يقتربا من بعضهما ، وبسرعة صارحها بإعجابه ، وروى لها تفاصيل حياته فأحترمت صراحته ، وأخبرها أن أمه وأبوه هما قبل كل شيء حتى نفسه ، وتقدم لها وخطبها وجاءته مهمه فى دولة الإمارات خاصة بعمله بالشركة لمدة ثلاثة أشهر ، تردد في بداية الأمر خوفاً على أمه وأبوه ، ثم وافق في النهاية ، بعد أن قام بتوصية كل المحيطين به عليهما ، وأخبرالخطيبة وحتى لايضيع الوقت أن تعد شقة الزوجية وتحضر ما تريد ، والأهم أوصاها على إبيه وأمه ، وسافر وقامت بإعداد شقة الزوجية بمعاونة بعض أهلها ، وأول ما إهتمت به هو إخراج الأم والأب من الشقة التي ستتزوج فيها ، وهذا بعيداً عن وصية زوج المستقبل ، كان فوق سطح العمارة غرفة خشبية للتخزين إستأجرتها ، وأعدتها للأب والأم وفرطت في أمانة قد وصاها عليها من سيكون لها زوجاً ، وبينما تعد الخادمة لهما الطعام اشتعلت الحريق في الغرفه الخشبية ، وجرت الخادمة خارج الغرفة واختنق الأب والأم وماتا ، اعتقدت عروس المستقبل أن العريس سوف يسلم بالأمر الواقع ، ويتفرغ لها وعاد من سفره وأول ما سأل عن أبوه وأمه ، قالت له أبواه قد توفاهما الله ، وتم عمل اللأزم لهما كأنك موجود ، وسأل كيف توفيا قالوا له قضاء الله وقدره ، كانت العروس قد إنتهت من تجهيز عش الزوجية ، وبينما هو يسأل من حوله ماذا حدث لأمه وأبوه ، أخبره رجل أمن العمارة بما حدث وطلب منه ألا يخبر أحداً فإن أبو العروس قد أعطى الجميع امولاً على ألا يخبره أحد بما حدث ، عرف هذه المعلومات في اليوم الذي حدد لإتمام الزواج ، وفى الحفل فى الليل أمسك العريس الميكروفون في قاعة الأفراح ، قبل عقد القران ، وسأل الحاضرين من وجهاء القوم سؤال ، قال لهم كيف يامن أحدكم على نفسه أن يتزوج من إمرأة كذابه ، وغير أمينه ، صمت الجميع ، وأقترب أبو العروس من العريس وهمس له ان الحي أبقى من المميت ، ولا داعي لهذا ، ولكنه أعاد السؤال وقال: أنا لا أقبل أن أكون مغفلاً ، لذلك أنا لن أتزوج من تلك الكذابة والغير أمينة ، وترك المكان ، رغم تدخل الكثيرين وتوسل أهل العروسة ألا يسبب لهم فضيحة ، قد تعصف بحياة العروسة ، لم يستمع لأحد ، ومضى والدموع في عينه حزناً على أبوه وأمه وهو يردد ليتني ما سافرت ، ملعونه حياة تبنى على رفات إمٍ حملت وسهرت ، وأب سعى في الدنيا ليكبر الأبن ويكون رجلاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق