" حكاية شاعر.."
وشَاعِرٍ مِنْ خَيَالِ الحُبِّ قد مَتَحَا
بِصِدْقِ عَاطِفَةٍ كَالصُّبْحِ مُتَّضِحَا
ما بَيْنَ ضَحْكَتِهِ والدَّمْعِ آصِرَةٌ
تَكَادُ تنكرُ مِنْهُ الحُزْنَ والفَرَحَا
إذا بكى ضَحِكَتْ أَشْعَارُهُ عَجَبًا
وإن بَدَا بَاسِمًا أَفْكَارَهُ ذَبَحَا
حَيَاتُهُ الحُزْنُ والأفراح في عَبَثٍ
كَالطِّفْلِ خَط َّ تُرَابًا.. تَارَةً... مَسَحَا
أَوَٱنَّهُ كَسَمِيرِ اللَّيْلِ يُؤْنِسُنِي
فَتَمْتَطِي وَحْشَتِي خَيْلًا إذا نَزَحَا
كَذَا حِكَايَتُهُ لا اللَّهْوُ يَعْرِفُهُ
ولا السُّلُوُّ إذا ما جَدَّ أو مَزحَا
مِنَ المَهَا هَمَسَاتُ الشِّعْرِ قد بَزَغَتْ
على سُطُورٍ كَأَرْضِ السِّحْرِ ما فَصُحَا
أَتَتْ إِلَيَّ فَحَلَّتْ بي مَحَاسِنُهَا
حتى عَلِمْتُ بِأَنَّ الحُبَّ قد سَنَحَا
تَعَوَّدَ القلبُ مِنْ لَذَّاتِ نَظْرَتِهَا
طِفْلًا فَشَبَّ كَخُبْزٍ في لَظًى طُرِحَا
قد أَنْضَجَتْهُ فَزَادَ البَيْنُ لَفْحَتَهُ
وَشَرُّ ما جاء مِنْ عَيْنَيْكِ ما لَفَحَا
صَدَفْت ِ عَنِّي أَيَا سَمْرَاءُ فَاحْتَرَقَتْ
كُلُّ الأماني وعِشْتُ البُؤْسَ والتَّرَحَا
وصِرْتُ أكتبُ للأَيَّامِ مِحْرَقَةً
وتَارَةً جَنَّةً بِالوَهْمِ ما ٱنْفَتَحَا
وَاللَّهِ وَاللَّهِ لو تدرين موجدتي
لكان قلبك للتِّحْنَانِ مُنْشَرِحَا
وَلَوْ عَلِمْتِ شجوني اليوم مُتْرَعَةً
منها حياتي لَأَفْرَغْت ِ الذي طَفَحَا
وَلَوْ عَلِمْتِ جروحي مِنْكِ مُنْزفَةً
لَضَمَّدَ الوَصْلُ مَجْرُوحًا ولا جَرَحَا
وَلَوْ عَلِمْتِ ليالي الحب ِّ سَاهِرَةً
لَزُرْتِهَا لا تخافي اللَّيلَ إن نَبَحَا
حَبِيبَةَ القلبِ ما الآمال مُجْدِيَةً
فطالما خَدَعَتْ قَلْبًا بها طَمَحَا
قد عِشْتُهَا في زماني وَهْيَ بَاسِمَةٌ
تُضَاحِكُ الغَيْبَ كَيْ يَحْلُو إذا مَلُحَا
وَلَمْ تَزَلْ في خيالاتي تُخَامِرُهَا
إذا الشعور بِزنْدِ الفكرِ قد قَدَحَا
بَنَاتُ فكري إِلَيْكِ اليوم أَحْمِلُهَا
على جَوَادٍ بِحَاءَاتِي هنا ضَبَحَا
يَعْدُو فما هَمَّنِي مَادُمْت ِ قَارِئَةً
أَيَبْسمُ الوجهُ أم أَلْقَى بِهِ كَلَحَا؟!
لِأَنَّنِي في رِيَاضِ الشعرِ أُغْنِيَةٌ
فَكَيْفَ تزهو إذا ما غَابَ مَنْ صَدَحَا؟!
كم أطرب الدهر لحني في تغزله
وأتعب الفكر ما هاجى وما مَدَحَا
غَرَسْتُ في الفَيْس ِ وجداني فَأَيْنَعَهُ
غُصُونَ سِحْرٍ لِجَانِيهَا متى مَنَحَا
في صَفْحَةِ الرَّوْضِ حَيْثُ الفِكْرُ أَبْذُرُهُ
بِكَف ِّ كُفْر ٍ وَإِيمَان ٍ به ٱنْشَرَحَا
جَدَاوِلُ العِشْقِ ِ سقياها وَعَاطِفَتِي
خَمَائِلُ الصِّدْقِ تستهوي الذي لَمَحَا
حَدَائِقِي وَرِيَاضِي وَالجِنَانُ لها
أَشْجَارُ أَشْجَانِ عُمْرِي والهوى لَقَحَا
وَرْدِي وَزَهْرِيْ ٱلخَلِيلِيَّاتُ أَجْمَلُهَا
تَفُوحُ بِالحَرْفِ طِيبًا أينما رَتَحَا
وَكَالرَّيَاحِين والنِّسْرِين خَاطِرَتِي
واليَاسَمَينُ شُعُورِي والغَيُورُ لَحَا
أَنَا القَصِيدَةُ في شِعْرٍ بَسَاطَتُهُ
أَحْلَى وَأَوْلَى مِنَ التعقيد لو شُرِحَا
أنا القصيدة لِلأَقْلَامِ قَاطِبَةً
وَلْيَقْتُلَ الغَيْظُ مَنْ يَطْوِي لها كَشَحَا
فَالشِّعْرُ مِنِّي ووجداني بَدَائِعُهُ
وَمِنْ جَبِينِ خَيَاليِ الشِّعْرُ قد رَشَحَا
فَإِنْ حَبَاكِ جَمِيعُ السِّحْرِ قَافِيَةً
فَمِنْ رَبِيعِ بَدِيعِي ذَاكَ قد مَتَحَا
وَإِنْ أَتَيْت ِ رِيَاض َ الشعر ِ زَائِرَةً
فَكُلُّ حُسْنٍ سِوَى حُسْنِي بِهَا قَبُحَا
كُلُّ الرِّياضِ قِفَارٌ حِينَ تَفْقِدُنِي
أَنَا الجَمَالُ وَشِعْرِي المِسْكُ ما نَفَحَا
هَذِي الحِكَايَةُ في دُنْيَاكِ لو خَسِرَتْ
فَلْيَنْعُمَ الفَيْسُ في شِعْرِي إِذَا رَبِحَا
بقلم أنور محمود السنيني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق