"من مذكرات أستاذ جامعي "
" ومشيناها خُطاً كُتبت علينا"
عندما يجد شاباً بلغ بالأمس 18 سنه نفسه ينتقل إلى خانه مسماها اليتيم ، وهو الذي كان يعتقد أنه محظوظ في الحياة فقد منحه الله فرصة لا تتوفر للكثيرين ، فهو يدرس الطب وفي فرنسا وفي جامعة إستراسبورج أشهر جامعة في العالم في طب النساء والتوليد ، ووفر له أبوه المعيشة الرغدة حتى يسهل عليه طريق النجاح والتفوق ، وظن أنه بنهاية الدراسة سوف يعود إلى بلاده وهو يحمل شهادة ليس من السهل الحصول عليها ، ويصبح من المشاهير ، كان هذا ظنه وكتبه في مذكراته دائماً فهو يكتب مذكراته منذ عرف طريق هذا العالم الجميل عالم القراءة والكتابة ، وإن كانت جمله في مذكراته في البداية عندما تعلم الكتابه جملاً بسيطة ولكنها كانت معبرة عنه ، ولكن لله في خلقه شئون يفعل ما يشاء وقتما يشاء ولا يسأل عن حكمة فعله ، ومن كان من العباد محظوظ فسوف يدرك مع الأيام بعضاً من حكمة الله سبحانه وتعالى ، ولماذا فعل ما كان يظنه قليل العقل والحكمه أنه قدرٌ سيئ ، وأصبح المحطين به يقولون يا حرام فقد في يومٍ واحد الأب والأم وأصبح يتيم الأبوين ومعه بنتان صغيرتان وأخ صغير ، أعانهم الله على هذه الأيام ، (سائق سيارة ألأب كان بالأمس قد قلب السيارة وفيها الأب والأم فأنتقلا إلى رحمة الله معاً كما عاشا سابقاً معاً ، وكان عمر الأم يومها فقط 36 سنه وعمر الأب 52 سنه) ، والغريب أن السائق خرج معاف وحضر العزاء ليلاً ، فالله يفعل ولا معقب لفعله) ، وفعلاً كنت أبحث كثيراً عن المكان الذي ذهبا إليه الأبوين فجأةً ، قرأت كتب عن الموت وكيفية تحضير الأرواح حتى أسألهما أين ذهبا وتركا صغاراً لا حول لهم ولا قوة ، ولكن الله يفعل ما لا يدركه الخلق وهو الحكيم العليم مدبر الأمر وقاضي حاجات العباد ، حتى وأنا في الجامعة في مصر كانوا يقولون عني هو من يربي أخواته الأيتام ، وتمضي السنوات ومعها كل المعاناة ، وأقف الأن لأنظر لأيامي وبعد أن زارني الشيب ، فالشاب اليتيم ذو الثمانية عشر من العمر والأبناء الأيتام الصغار ماذا فعلت بهم الأيام ، وهل غلبتنا أم راودناها ومرت علينا بسلام ، الأن حصلت على أعلى الشهادات في العالم وفي أحد العلوم الحديثة جداً ، وأصبح لي 45 كتاباً أدبياً غير ما هو متعلق بالعلم الذي حصلت له على الماجستير والدكتوراه ، وقدمت للجامعات المصرية عندما وصلت من أمريكا أول مذكرة باللغة العربية في الجامعات تدرس في علم حديث وغير منتشر ، وبلغت بفضل الله وتوفيقه أعلى درجة في السلم الجامعي ، وأصبحت أعيش في مستوى حمدت الله أنه بفضله حققه لي ، وتزوجت من إنسانه محترمة من أول يوم تفاهمنا ولم يحدث بينا يوماً خلاف كما نرى ونسمع حولنا ، وبفضل الله أصبحت أب لشابين تخرجا من أكبر الجامعات وحصل الصغير على الدكتوراه أخيراً ، وهما يعملان في أكبر البنوك في مصر ، وتزوجا وأنجبا بنين وبنات ، أما الأخت الأصغر مني والكبرى بين الأختين ، وأنا أطلق عليها "أمي الثانية" فقد تزوجت من ضابط شرطة ، وصل إلى أعلى الرتب في سلك الشرطة وأصبح على رأس أخطر أجهزة الشرطة في مصر ، وأنجبت ثلاثة أبناء ولدان وبنت تخرجوا جميعاً من الجامعات ، الأكبر ضابط شرطة والأصغر يعمل في شركة بترول أما الإبنه الصغرى فقد تخرجت حديثاً ، والأخ الأصغر أصبح ملياردير وأقصدها وليس مليونير (بمجهوده وبذكاءه) ، وله 4 بنات وولد تخرج بعضهم من الجامعات والولد تخرج مهندس من الجامعة الأمريكية بالقاهرة ، ويعمل ، وقد تزوج ، وبعض بناته في مراحل التعليم المختلفة ، أما البنت الصغرى من أخواتي ، فهي أم لولدان وبنت الولدان مهندسان والبنت طبيبة أسنان ، وتقيم مع زوجها وأولادها في دبي حيث أن الزوج مستثمر هناك والأولاد تعمل في دبي ، وقد عادت هي وزوجها أخيراً لتقيما معنا في القاهرة ، ونجتمع كل مدة معاً ومع الذكريات ، وأنا قد كتبت هذا الكلام قاصداً ، وشاهداً على قول الحق "وقل إعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون" ، وأقصد أنت تعمل بإخلاص ولو عملاً قليلاً ، ثم يأتي لكَ الفضل من الله كبيراً ، وبدون تفاش أقول حتى يعلم الجميع أننا لا يمكن أن ندرك قدر الله في خلقه سبحانه وتعالى ، فلا ندري لو لم نُحرم من الأبوين صغاراً فهل كنا سنحقق ما تحقق لنا في مستقبل كان يبدو مظلماً ، العلم وحده عند علام الغيوب ستار العيوب الذي لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ، فقلوب خلقه بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء ، لو أدركنا هذا ما دخل اليأس قلباً ولا فعلت أي نفس في الغير ظلماً ، وظن الجميع بالله وبقدره خيراً ، فتعالى الله علواً كبيراً وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
♠ ♠ ♠ ا.د/ محمد موسى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق