الأربعاء، 15 يونيو 2022

فراغات ....بقلم الشاعر أحمد انعنيعة

 فراغات


كثيرا ما أتوقف عن الكتابة عندما أجدني تائها في الصفحة الواحدة..عندها يتصبب عرقي وتضيع مني جنسيتي .. فأتوقف عن اختيار كلماتي .. أحس بالدونية .. وأنا أستنكر إنسانيتي التي تعبث بحقائق الأمور من أجل المحافظة على قيمة الإنسان .. لأنني عندما أكتب أحس أنني أكثر استفزازا لغيري في اختيار كلمات رنانة تمجد سكوتي الطويل وخلوتي الخالدة ونومي العميق .. لكن كم من ريشة يحتاج اليها عصفور جريح كي يطير .. كم من قشرة تخص سمكة أتعبتها أمواج المحيطات لتسبح بنجاح .. وكم من كلمة نحتاج اليها لكتابة خطاب جميل تجتاحه روائح العطر الجميل...


وبعدها ، لا أستطيع السيطرة على نفسي عندما أكتب أو أرسم وأنا أقول في قرارة نفسي إن الأفكار تتعارض أحيانا وتلتحم في أخرى .. ومن الأفضل الانتظار .. لأن المقص سيجبر كل ظلالي على الاختفاء .. وينتهي بي الأمر الى تأمل خلاياي العصبية.. التي كان يتوجب عليها أن تروي دماؤها المناطق اليابسة في دماغي ليصبح عقلي في حالة تأهب قصوى أو أبحث عن طريق آخر للهروب .. 

 

إن الأقوال والآراء ليست ثابتة .. قد أجد دموع العداوة بين الأشقاء تنتهي بساعات من الفرحة والعفو والمصالحة .. وعليه ، لا ينبغي أن أكون متشائما وأن أتريت  لأن الكتابة قد توقعني في الخطأ .. وكذلك أنت أيضا .. فلا تكن كمن ينتظر نهاية مسرحية لا ترضي الجميع .. مسرحية أسقطت الستار دون سابق إنذار في حين أن نهاية اللغز ليست مفهومة .. فتترك التأويل لكاتب السيناريو الذي قام  بكتابته وتلخيصه قبل عرضه على الجمهور .. إذ أنه رسم مناظر طبيعية جميلة وحاول تنظيف وجهه لإعادة تزيين جميع صوره الخفية .. إن كل شيء في مسرحيته قد صمم بذكاء ووعي سابقين لحب للجمهور .. ومع ذلك ، نراه قد فشل في تسليط الأضواء على فقراته وأنه كان كذلك يفتقر إلى اللمسات الأخيرة للظلال المنسية وسبر أغوارها المظلمة .. فيتيه الطريق وينتهي به الأمر في براري الأراضي البعيدة .. وهو ما يجعل ريشته عاجزة ومعلقة بين الأرض والسماء غير قادرة على أن تنهل من الحبر الذي يكون قد تجلط في دم ذهنه .. 


إن الكلمات تفضل أحيانا الابتعاد عما تبقى من أفكار غرقت في عتمة كهوف الفكر .. فهي تتمرغ وتتمرد على صاحبها .. وأحيانا قد تضطرب وتموت .. ولكن ، كيفما كانت الأحوال ، فإن الأيادي التي تتمرن كثيرا على صناعة الحرف .. تستطيع ريشتها أن تصنع مسارا جانبيا آخر تتحرر فيه من كل شيء لا يعجبك لملء فراغات الصفحات الأخيرة ...


أحمد انعنيعة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق