السبت، 9 أبريل 2022

ارهاصات ....بقلم الشاعر د.مهندس إياد الصاوي

 "    اِرْهَـاصَـات ..!!    " .. د.مُهَنْدِس/ إِيَادُ الصَّاوِي .


***************************


" 1 "

*****


زغاريد تملأ جنبات الحارة  ،  وتبريكات يتلقاها من الجيران  ، قد وُلِدَ له مولود بعد طول انتظار  ،  والفرحة تملأ العيون والقلوب .


" 2 "

*****


يصلها الخبر السعيد  ،  تُعَيِّرُهُ بعدم قدرته على الإنجاب  ، 

يجذبها من شعرها وتدفعه  ، عالية أصواتهما  ،  لا ينتبهان أن الزجاج وثقوبه يحكي حاليهما  ،  يُطوِّحُ كرسيا بلاستيكيا يرسله في الهواء نحوها  ،  تتفاداه  ،  يضربُ الزجاجَ  ،  يسقط  مفتتا بالشارع .


" 3 "

*****


يَترقَّبُه  ،  يمشي الهُويْنى حَذِرًا  ،  يُغَافِلُهُ  ،  عدوُّه مغرمٌ بقطعة من البلاستيك رمى بها أحدهم من الشرفة يقرضها  ،  يقتنصُهُ  ،   ويعدو به داخل بيت نهاية الحارة .


" 4 "

*****


تناديه  ،  وهي تسمع مُواءه  ،  اعتادت تدليله  ،  لا تنام إلا مطمئنة عليه  ،  يخرج من تحت السلم  ،  يقفز فوق كتفها وتدخل به سريرها .


" 5 "

*****


تَسيرُ حالمةً بين ظلالِ الحقولِ  ،  تقطف زهرة من هنا  ، ووردةً من هناك  ،  زراعات الخضار النضيرة  ،  تسر عينها  ، ينبحُهَا كلبٌ بين الحقول  ،  ترتاعُ مهرولةً  ،  ينادي على خضرواته بصوته الجهوري أسفل البيتِ  ،  فتستيقظ .


" 6 "

*****


يقفُ عليهِ مُشتَرٍ  ،  يُقَلِّبُ الخُضار مُنتقيا له  ،  يناوله كيسًا ليضع فيه ما ينتقي  ،  ينادي البائع على القهوجي ليصنع له كوبا من الشاي الثقيل  ،  يُحاورُ القهوجي بابتسامٍ  ،  يصغي المشتري لحوارهما  ،  يستبدل البائع كيس المشتري بآخر قد خبأه تحت عربته  ،  يدفعُ ثمن ما اشترى ويمضي .


" 7 "

*****


فَرِحَةً بِمَقْدَمِهِ  ،  تبادلهُ قُبلةً حَالِمَةً  ،  تحملُ عنهُ ما جَاء بهِ  ، يحدثها عن حرارة الطقس  ،  وهو يتخفف من ثيابه  ،  تستمع لحديثه  ،  وتنظر فيما جاء به  ،  وتعرضه عليهِ  ،  ما هذا  ..؟! مُتسَائِلةً  ، لقد غَافلنِي البائعُ ، مُجِيبًا  ، ترمي بكيس الموز في الشارع .


" 8 " 

*****


يَقُمُّ الطَريق  ،  ورقة هنا  ،  كيس هناك  ،  أشياء ازدحمت بها زوايا الشارع الخفية  ،  يلتفُ حوله الصبيةُ بأهازيج احتقارا لِصنعتهِ  ،  ولا رادِعَ لهم  ،  يجلسُ على جانب الطريق من الشارع باكيا .


" 9 "

*****


يلبسُ ثيابهُ سريعًا تأخر في نومه  ،  يراقبُ الوقت  ،  جاهدا يحاول إدراك موعد العمل  ،  ينزل على عجلٍ  ،  لا يراقب إلا مؤشر الوقت  ،  يطأ قشرة موز  ،  ينزلقُ  ،  تنكسر ساقه ويصرخ .


" 10 "

*****


مكتظة بالحضور  ،  لمتابعة مباراة كرة القدم المصيرية  ،  ـ قهوة ولاد البلد  ـ  ، يسمع تاجر الخضار الصياح  ،  يبدو أن الفريق أحرز هدفا  ،  يهرول لمشاركتهم الفرحة  ،  يمر اللص فيسرق كيس نقوده .


" 11 "

*****


صراخ الكسير يصل مسامع الجمهور بالقهوة  ،  يهرعون إليه  ، يتصل أحدهم بسيارة الإسعاف  ، لحمله للمستشفى  ،  ويمضي جلهم دون أن يدفع حساب القهوة .


" 12 "

*****


يفسح الكل للسيارة  ،  تصل به المشفى  ،  يطالب الطبيب من حضر معه  ،  بضرورة إحضار تلك الأدوية والإسعافات  ،  لتدارك حالته  ،  فليست تتوافر بالمشفى .


" 13 "

*****


يطوف على الجلوس والبيوت ويستوقف المارة  ،  بصوته الخفيت مخبرا كل من يكلمه أنه لا يملك مالا لجلب تلك الأدوية المدونة بروشتة الطبيب لابنه المصاب بالتوحد  ،  يستجديهم .


" 14 "

*****


يشعر أن قلبه توحد بقلبها  ،  على ناصية الحارة ينتظرها وهي عائدة من الجامعة ، كم هو يحبها ، ليرمي لها نظرات غرامه .


" 15 "

*****


الشرطي باحثا عنهُ  ،  كم كان يتفلت منه هربًا  ،  يمسكهُ وهو يُدْلِقُ غرامَه  ، على ناصية الحارة  ،   ليسدد ما عليه من غرامه .


" 16 "

*****


في المسجد شيخ ينفخ في جمع الحضور أن مقاتلة الشرطة واغتيالهم  ،  ضرب من الـجهاد ،  يحرك النفوس بسجعه   ،  وحلو حديثه  ،   يجر الأيات جرا لتأكيد فتاواه .


" 17 "

*****


في أحد حمامات المسجد يَعُدُّ اللص النقود  ،  ويطمئن لحاله ، يلقي بكيس التاجر بإحداها  ،  يتوضأ ويجلس بين الصفوف  ، ينهي الشيخ حديثه  ،  يصرخ اللص متفاعلا مع وساوس الشيخ  ،  إلى الجهاد  ، إلى الجهاد ..!!


" 18 "

*****


متصلا على جهات الأمن  ،  فلان بين الصفوف حماسيّ منفعل  ،  يبدو أنه تابع لأحد الجماعات المتطرفة  ،  سأتاخر به حتى حضوركم   ،  يلاطف الشيخ اللص مسترسلا في حديثه معه  ،  يسمع صافرات عربة الشرطة  ،  يخرجان من المسجد  ،  يفارقه الشيخ عند الباب .


" 19 "

*****


مكتوف اليدين  ،  قابضا على قفاه يلهث  ،  قد أتعبه اللص في جريه بين الحواري حتى أمسك به  ،  يودعه السيارة  ، وينطلق .


" 20 "

*****


موجة حارة تعلنها هيئة الأرصاد  ،  وخبر آخر  بغلاء الأسعار  ، يستوقفانها وهي تتنقل بين قنوات التلفاز متأففة  ،  تنادي على جارتها تخبرها بما سمعت  ،  تنقله الجارة لزوجها  ،  ينزل من البيت جالسا على القهوة  ،  يعلن ما سمع بينهم ،  ويتناقل المارة الخبر  ،  تتخفف  من ملابسها على إثر ما سمعت حتى بدت شبه عارية  ،  وتمشي زهوا في الطريق .


" 21 "

*****


يشتري قُفْلًا جديدا لمخزن السلع الغذائية التابع لمتجره  ،  لا يملك أحد نسخة مفاتيحه غيره  ،  ولن يدفعها لأحد من الصبية الذين يعملون بمتجره ، ستزيد أرباحه عن المتوقع ثلاثة أضعاف .


" 22 "

*****


صافرات وعبارات خادشة  ،  وبعضها مُلوح بِدعوة للفجور  ، تسمعها من خلفها  ،  تلتفت معنفةً  ،  وأنها بنت أكارم  ،  ذات أدب  ،  شابان أنهيا دراستهما  ،  ولا عمل لهما  ،  طول الوقت جيئة وذهابا بين الحواري ، يتحرشان بالنساء .


" 23 "

*****


أصوات وصخب  ،  وزجاجات تلقى هنا وهناك  ،  يتعاركون ، يحتد عليهما  ، كيف تتحرشان بأختي ، ألا تعلمان من تكون وبنت من  ..؟!  ،  يتدافعون  ،  يُخرِجُ أخوها مطواته ويطعن بها أحدهما في خاصرته  ،  يرديه قتيلا .


" 24 "

*****


صمت يخيم على المكان  ،  حركات سريعة  ،  وتهامس بين الجمع  ،  متى موعد الجنازة  ،  يتساءلون  ..!! 

بعد لحظات يظهر النعش وهم يحملونه على اعناقهم إلى المقابر ، وتعم الصرخات كل الأرجاء ..

وتعلن إشارات ضبط الوقت نهاية اليوم ..!!!


*********************

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق