" اِرْهَـاصَـات ..!! " .. د.مُهَنْدِس/ إِيَادُ الصَّاوِي .
***************************
" 1 "
*****
زغاريد تملأ جنبات الحارة ، وتبريكات يتلقاها من الجيران ، قد وُلِدَ له مولود بعد طول انتظار ، والفرحة تملأ العيون والقلوب .
" 2 "
*****
يصلها الخبر السعيد ، تُعَيِّرُهُ بعدم قدرته على الإنجاب ،
يجذبها من شعرها وتدفعه ، عالية أصواتهما ، لا ينتبهان أن الزجاج وثقوبه يحكي حاليهما ، يُطوِّحُ كرسيا بلاستيكيا يرسله في الهواء نحوها ، تتفاداه ، يضربُ الزجاجَ ، يسقط مفتتا بالشارع .
" 3 "
*****
يَترقَّبُه ، يمشي الهُويْنى حَذِرًا ، يُغَافِلُهُ ، عدوُّه مغرمٌ بقطعة من البلاستيك رمى بها أحدهم من الشرفة يقرضها ، يقتنصُهُ ، ويعدو به داخل بيت نهاية الحارة .
" 4 "
*****
تناديه ، وهي تسمع مُواءه ، اعتادت تدليله ، لا تنام إلا مطمئنة عليه ، يخرج من تحت السلم ، يقفز فوق كتفها وتدخل به سريرها .
" 5 "
*****
تَسيرُ حالمةً بين ظلالِ الحقولِ ، تقطف زهرة من هنا ، ووردةً من هناك ، زراعات الخضار النضيرة ، تسر عينها ، ينبحُهَا كلبٌ بين الحقول ، ترتاعُ مهرولةً ، ينادي على خضرواته بصوته الجهوري أسفل البيتِ ، فتستيقظ .
" 6 "
*****
يقفُ عليهِ مُشتَرٍ ، يُقَلِّبُ الخُضار مُنتقيا له ، يناوله كيسًا ليضع فيه ما ينتقي ، ينادي البائع على القهوجي ليصنع له كوبا من الشاي الثقيل ، يُحاورُ القهوجي بابتسامٍ ، يصغي المشتري لحوارهما ، يستبدل البائع كيس المشتري بآخر قد خبأه تحت عربته ، يدفعُ ثمن ما اشترى ويمضي .
" 7 "
*****
فَرِحَةً بِمَقْدَمِهِ ، تبادلهُ قُبلةً حَالِمَةً ، تحملُ عنهُ ما جَاء بهِ ، يحدثها عن حرارة الطقس ، وهو يتخفف من ثيابه ، تستمع لحديثه ، وتنظر فيما جاء به ، وتعرضه عليهِ ، ما هذا ..؟! مُتسَائِلةً ، لقد غَافلنِي البائعُ ، مُجِيبًا ، ترمي بكيس الموز في الشارع .
" 8 "
*****
يَقُمُّ الطَريق ، ورقة هنا ، كيس هناك ، أشياء ازدحمت بها زوايا الشارع الخفية ، يلتفُ حوله الصبيةُ بأهازيج احتقارا لِصنعتهِ ، ولا رادِعَ لهم ، يجلسُ على جانب الطريق من الشارع باكيا .
" 9 "
*****
يلبسُ ثيابهُ سريعًا تأخر في نومه ، يراقبُ الوقت ، جاهدا يحاول إدراك موعد العمل ، ينزل على عجلٍ ، لا يراقب إلا مؤشر الوقت ، يطأ قشرة موز ، ينزلقُ ، تنكسر ساقه ويصرخ .
" 10 "
*****
مكتظة بالحضور ، لمتابعة مباراة كرة القدم المصيرية ، ـ قهوة ولاد البلد ـ ، يسمع تاجر الخضار الصياح ، يبدو أن الفريق أحرز هدفا ، يهرول لمشاركتهم الفرحة ، يمر اللص فيسرق كيس نقوده .
" 11 "
*****
صراخ الكسير يصل مسامع الجمهور بالقهوة ، يهرعون إليه ، يتصل أحدهم بسيارة الإسعاف ، لحمله للمستشفى ، ويمضي جلهم دون أن يدفع حساب القهوة .
" 12 "
*****
يفسح الكل للسيارة ، تصل به المشفى ، يطالب الطبيب من حضر معه ، بضرورة إحضار تلك الأدوية والإسعافات ، لتدارك حالته ، فليست تتوافر بالمشفى .
" 13 "
*****
يطوف على الجلوس والبيوت ويستوقف المارة ، بصوته الخفيت مخبرا كل من يكلمه أنه لا يملك مالا لجلب تلك الأدوية المدونة بروشتة الطبيب لابنه المصاب بالتوحد ، يستجديهم .
" 14 "
*****
يشعر أن قلبه توحد بقلبها ، على ناصية الحارة ينتظرها وهي عائدة من الجامعة ، كم هو يحبها ، ليرمي لها نظرات غرامه .
" 15 "
*****
الشرطي باحثا عنهُ ، كم كان يتفلت منه هربًا ، يمسكهُ وهو يُدْلِقُ غرامَه ، على ناصية الحارة ، ليسدد ما عليه من غرامه .
" 16 "
*****
في المسجد شيخ ينفخ في جمع الحضور أن مقاتلة الشرطة واغتيالهم ، ضرب من الـجهاد ، يحرك النفوس بسجعه ، وحلو حديثه ، يجر الأيات جرا لتأكيد فتاواه .
" 17 "
*****
في أحد حمامات المسجد يَعُدُّ اللص النقود ، ويطمئن لحاله ، يلقي بكيس التاجر بإحداها ، يتوضأ ويجلس بين الصفوف ، ينهي الشيخ حديثه ، يصرخ اللص متفاعلا مع وساوس الشيخ ، إلى الجهاد ، إلى الجهاد ..!!
" 18 "
*****
متصلا على جهات الأمن ، فلان بين الصفوف حماسيّ منفعل ، يبدو أنه تابع لأحد الجماعات المتطرفة ، سأتاخر به حتى حضوركم ، يلاطف الشيخ اللص مسترسلا في حديثه معه ، يسمع صافرات عربة الشرطة ، يخرجان من المسجد ، يفارقه الشيخ عند الباب .
" 19 "
*****
مكتوف اليدين ، قابضا على قفاه يلهث ، قد أتعبه اللص في جريه بين الحواري حتى أمسك به ، يودعه السيارة ، وينطلق .
" 20 "
*****
موجة حارة تعلنها هيئة الأرصاد ، وخبر آخر بغلاء الأسعار ، يستوقفانها وهي تتنقل بين قنوات التلفاز متأففة ، تنادي على جارتها تخبرها بما سمعت ، تنقله الجارة لزوجها ، ينزل من البيت جالسا على القهوة ، يعلن ما سمع بينهم ، ويتناقل المارة الخبر ، تتخفف من ملابسها على إثر ما سمعت حتى بدت شبه عارية ، وتمشي زهوا في الطريق .
" 21 "
*****
يشتري قُفْلًا جديدا لمخزن السلع الغذائية التابع لمتجره ، لا يملك أحد نسخة مفاتيحه غيره ، ولن يدفعها لأحد من الصبية الذين يعملون بمتجره ، ستزيد أرباحه عن المتوقع ثلاثة أضعاف .
" 22 "
*****
صافرات وعبارات خادشة ، وبعضها مُلوح بِدعوة للفجور ، تسمعها من خلفها ، تلتفت معنفةً ، وأنها بنت أكارم ، ذات أدب ، شابان أنهيا دراستهما ، ولا عمل لهما ، طول الوقت جيئة وذهابا بين الحواري ، يتحرشان بالنساء .
" 23 "
*****
أصوات وصخب ، وزجاجات تلقى هنا وهناك ، يتعاركون ، يحتد عليهما ، كيف تتحرشان بأختي ، ألا تعلمان من تكون وبنت من ..؟! ، يتدافعون ، يُخرِجُ أخوها مطواته ويطعن بها أحدهما في خاصرته ، يرديه قتيلا .
" 24 "
*****
صمت يخيم على المكان ، حركات سريعة ، وتهامس بين الجمع ، متى موعد الجنازة ، يتساءلون ..!!
بعد لحظات يظهر النعش وهم يحملونه على اعناقهم إلى المقابر ، وتعم الصرخات كل الأرجاء ..
وتعلن إشارات ضبط الوقت نهاية اليوم ..!!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق