♠ ♠ ♠ ♠ القِصَّةُ القَصِيرَةَ ♠ ♠ ♠♠
♠♠ ♠ورَحلَت البركة♠ ♠♠
♠ ♠ كَانَتْ آلَامٌ كَبِيرَةُ السِّنِّ تَعِيشُ مَعَ الاِبْنِ المُتَزَوِّجِ ، وَكَانَتْ الزَّوْجَةَ كَثِيرَةَ الشَّكْوَى مِنْ عَدَمٍ العيش برَاحَتْهَا فِي بَيْتِهَا ، وَأَحْيَانًا تتذمر مِنْ تَدَخُّلِ الأُمِّ فِي شُئُونِ البَيْتِ ، التي علمت كثيراً أن تجعل كل ما فيه يشهد لها ، وَكَانَ الإِبْنُ كَثِيرَ الضَّجَرِ مِنْ أمه لِكَثْرَةِ شَكْوَى الزَّوْجَةِ لَهُ ، وَالأُمِّ صَامِتَةً لَا تَتَكَلَّم بل تنظر لما حولها وتحمل نفساً كسرت من الجفاء ، وكَانَتْ الزَّوْجَةُ تَعْمَلُ في مدرسة قريبة من بيتها ، وَعَنَدَمٍا تَصِلُ كُلَّ صَبَاحٍ إِلَى عَمَلِهَا تبدأ فِي البُكَاءِ وَالشَّكْوَى مِنْ سُوءِ حَظِّهَا لزملائها ، وَمن العَيْشِ مَعَ أُمِّ الزَّوْجِ في بيت واحد ، وَيُحَاوِلُ كُلًّ مَنْ يَعْمَلُ مَعَهَا تَرْضِيَتَهَا وَيَدْعُونَهَا إِلَى الصَّبْرِ عَلَى هَذَا البَلَاءِ ، وكَانَ الزَّوْجُ يَقُولُ لَا أَعْلَمُ لماذا حظي هكذا ، وهذا الشقاء الذي أعيش أنا فيه ، فكُلَّ الأَوْلَادِ تُمَوِّتُ أُمَّهَاتِهُمْ وَأَنَا مَا زَالَتْ أُمِّي في الحياةً وَحَيَاتِي كُلُّهَا مَشَاكِلُ بِسَبَبِهَا ، وَالأُمُّ صَامِتَةً لَا تَتَكَلَّمُ وَلَا تَشْكُو وَلَا تُعَاتِبُ ، وفجاءة مَاتَتْ الأُمُّ فَظَنَّ العَارِفِينَ بِهِماْ أَنَّ حَيَاتَهُمْا أَصْبَحَتْ سَعِيدَةً ، وَلَكِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ مِنْ أَمْرُهُمْا شَيْئًا ، فظَلَّتْ تَبْكِي الزَّوْجَةَ لِكُلٍّ مِنْ حَوْلِهَا كما كانت تفعل في حياة أم الزوج وزادت ، وَلَا تَدْرِي مَاذَا حَدَثَ لَهَا بعد أن أصبحت هي سيدة البيت وبلا شريك ، وَزَادَتْ من شَكَوْاهَا لِكُلِّ مَنْ يَعْرِفُهَا ، فهناك شئ قد سلبَ من داخلها الفرحة وزرع مكان الفرح القلق ، فهي قَدْ أَصْبَحْتُ لَا تُطِيقُ حَيَاتُهَا في بيتها ولا مع زوجها وحتى لا تطيق أنفاسه ، وكَانَتْ لهما ولد قد اِرْتَبَطَْ بِالجَدَّةِ الَّتِي رَحَّلَتْ ، هذا الإرتباط كان كثيراً ما يغضب الأم لأن إبنها يرتبط بالجدة أكثر مما يرتبط الإبن بها ، وفجآة مَاتَْ الإبن بعد موت الجدة ، وَظَلَّتْ الشَّكْوَى مِنْ الرَّجُلِ وَمِنْ المَرْأَةِ مُسْتَمِرَّةٌ لمن حولهما ، وَتَرَاكَمَتْ الدُّيُونُ عَلَى الزَّوْجِ بشكل لم يكن ليحدث له من قبل أبداً ، وَكَثْرَةُ المَشَاكِلِ بَيْنَ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ ولأتفه الأسباب ، وَلَوْلَا تَدَخُّلُ العُقَلَاءِ مِنْ الأَقْرِبَاءِ بَيْنَهِمَا لِحَدَثِ الطَّلَاقِ ، وَأَخِيرًا اِتَّفَقَا الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ مَعًا عَلَى أَنَّ الأُمَّ الرَّاحِلَةَ أُخِذَتْ مِنْ بَيْتِهِمْ البَرَكَةُ وَذَهَبَتْ عِنْدَمَا هي ذهبت ، وَظَلَّ الاِبْنُ يَسْأَلُ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنْ يُسَامِحَهُ عَلَى جَهْلِهِ بِفَضْلٍ أُمُّهُ ، وَتَحَامُلِهِ عَلَيْهَا ، وَهِيَ لَا نَشْكُو لِأَحَدٍ ، وَكَانَتْ الزَّوْجَة تقول ُ لمن حولها وهي باكية بصدق ومن قلبها ، أَدْفَعُ نِصْفَ الباقي من ُعمْرِي وَتَعُودُ هِيَ للحَيَاةِ وَتَعِيشُ مَرَّةً أُخْرَى مَعَنَّا ، وَعَرَفَتْ هي بَيْنَ زُمَلَاءِ العَمَلِ بالمدرسة ، بِأَنَّهَا مَنْ فَقَدَتْ البَرَكَةَ بِفَقْدِ أُمِّ زَوْجِهَا ، ولكن هيهات فمن ذهب إلي هناك لا يرجع إلي هنا ، فتَحِيَّةٌ لِكُلٍّ أَمْ مَا زَالَتْ فِي الحَيَاةِ تضيء لَمِنْ حَوْلِهَا ، وهي تعيش الشيخوخه ولا حول لها ، وَدَعْوَةٌ لِلحِفَاظِ عَلَيْهَا فهى بَرَكَةٌ لَا تَقْدِرُ بِمَالِ ، ولَا يُصَدِّقُ هَذَا القَوْلُ إِلَّا مَنْ فَقَدْ أُمُّهُ البَرَكَةُ ، وَيَارَبِّ الرَّحْمَةُ لكُلِّ أُمٍّ سَبَقَتْنَا إِلَى رَحْمَةِ رَبِّهَا وَنَسْأَلُ لَهَا الجَنَّةَ ، بفضلك وكرمك وجودك ، وبارك اللهم في حياة كل أم مازالت تعيش بيننا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق