تتدحرجُ لحظاتُ العمر
تفرُّ الثواني مسرعةً
تقتربُ صفارةُ قطار الرحيل
هديرُ عجلاته يعلو منذراً بقرب الوصول
رياحٌ عاتيةٌ تهبُّ تبعثرُ سحبَ الأحلامِ والأماني
تكشفُ عريَ أوهامِ الحياة
كلُّنا واهمون في عالمِ الأوهامِ
هذا هو صدى طبيعتنا البشريةِ
يدوِّي بين جدرانِ الولادةِ والموتِ
تحلُّ الروحُ في عباءةِ الترابِ
تبكي تنوحُ تئنُّ تتوجعُ ترفضُ هذا السجنَ
لكنها ترضخُ تستسلمُ لقدرِها المكتوب
تستسلمُ وهي تعي مرارةَ الأسرِ
ولسعَ أنيابِ القيود والأغلالِ
تظلُّ في أعماقِ أغوارِها تترقبُ لحظةَ
الانعتاقِ والحريةِ بعد أن تلظتْ
طويلاً على جمرِ العبودية وفي آتونِ الرقِّ
عبوديةُ الآلامِ والأوجاعِ عبوديةُ المفاهيمِ والمعتقدات
عبوديةُ المشاعرِ والأحاسيسِ والشهوات
باتت تزهقُ من التمرُّغِ في عفنِ ونتنِ الدوافعِ والرغبات
تحنُّ دائماً إلى الصفاءِ والنقاءِ
تحلمُ بالحريةِ بالتطهرِ والارتقاء
تتقزَّزُ من صديدِ الهفواتِ والهمزات
هي نورٌ تتوق الى عالم الأنوارِ تنتظرُ لحظة الرحيلِ
لتتعرَّى وتنزعَ عنها أرديةَ الزيفِ والخداعِ
هيَ تمنِّي النفسَ بالرحيلِ عاريةً كما جاءتْ
مجَّتْ هنا عالم النفاقِ وأقمطةَ الكذبِ والرياءِ
هناك لها وجهٌ واحدٌ مفهومٌ واحدٌ عقيدةٌ واحدةٌ
عبادةٌ واحدةٌ .الله خالقها والمحبة عقيدتها
وخدمة الآخر غايتها وفهم ومعرفة الكون
شغلها وهمها الوحيد
هناك لا مفاهيمَ لا عقائد ومذاهبَ لا ديانات
لا رتبَ لا مناصب ولا مقامات
لا أحقاد ولا ضغائن او امتيازات
الكلُّ سواسيةٌ متساوون يغتسلون في مياهٍ نقيةٍ طاهرةٍ
لا رجسَ فيها ولا نقائص . يجمعهم شعورٌ واحدٌ
المحبةُ للجميع وخدمة الجميع والعمل الدؤوبُ لإسعاد الجميع
والتعرفِ على حقائقِ الكونِ اللامحدود واللامتناهي
هناك تسعد الروح بتقرُّبها من النورِ الإلهي وذوبانها
وتلاشيها فيه . ما أسعدكِ أيتها الروحُ بسفركِ هذا
وبرحيلكِ إلى منابع ِ جذورك حيث الغبطةُ
والفرحُ والسرورُ والسلامُ الأبديُّ
حكمت نايف خولي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق