الاثنين، 8 نوفمبر 2021

مملكة العشق ...بقلم الأديب محمد عيسى

 (مملكة العشق)

متجري ...ذات لافتة مائلة ....معلقة بمسمار واحد....تكاد تسقط....مكتوب عليها" روايات قديمة"....

أمام متجري وقفت سيارة فارهة....ترجلت منها فتاة .....

تضع نظارة شمسية....جميلة ....أنيقة....

ظلت تنظر إلي لافتتي ....لم تخلع نظارتها بعد....

باب متجرى مفتوح....نظرت تلك الفتاة إلي الداخل ....لم تري إلا ظلاما....فخلعت نظارتها ....

بالكاد رأت رفوفا أعلاها كتب مرصوصة....

دخلت علي إستحياء....تتحسس خطاها....

وكلما إقتربت بان لها فتي ....يجلس علي كرسي....لحيته مبعثره....غير مهندم....شعره طويل غير مصفف....أمامه منضده أعلاها شمعة غير موقده....

قالت : يابائع الروايات أين تضع الروايات القديمة؟

سيدتي هناك عند الزاوية فوق تلك الرفوف....

= يابائع الروايات أحضر لي تلك التي هناك علي الرف الأخير....

_ سيدتي إنها مهترئه ...تكسوها الأتربة ...يمكنكِ إختيار رواية غيرها...

= لا تجادلني وإتني بمطلبي

فلما أحضرها....أخرجت منديلا من حقيبتها.....برفق مسحت الغلاف....

الغلاف ممزق ...عنوان الرواية بالكاد تظهر فيه حروف كلمة عشق....اسم المؤلف غير موجود....

= يابائع الروايات لمن هذه الرواية وما إسمها؟

_ سيدتي إسمها مملكة العشق....مؤلفها عربي مصري...

= وما إسمه؟؟

فكر الفتي قليلا قال في نفسه هل أخبرها أنني أنا مؤلفها ....

_ سيدتي لا أذكر إسم مؤلفا ...وما تحملينه الآن هي النسخة الوحيدة ....مكتوبة بخط يده....لم يشتريها أحد....وهي عزيزة إلي قلبي...قد قرأتها مرات عديدة....بل أحفظ كل سطر فيها....فافتحي الصفحة قبل الأخيرة ...وإقرئي السطر الحادي عشر....

فنظرت إليه إستغرابا....ثم فتحت الرواية وفي صفحتها قبل الاخيرة قرأت " ودخلت علي إستحياء ...تبحث عن روايتي....فأخرجت منديلها ...برفق مسحت غلافها....فأدمعت عيناها.....لم تكن تتوقع أحداثها..."....

_ سيدتي أراكِ  تدمعين لا تكملي قرأتها الأن....أغلقيها من فضلك


= يابائع الروايات إني لا أدمع بل إن عيناي ألمتني من الأتربه....ساشتريها فكم هو ثمنها؟

_ سيدتي إقبليها مني هديه ....هي لكِ بلا مقابل

= يبدو أنك طيب القلب ....يافتي قد قبلت هديتك....


ثم أخرجت مبلغا من المال ....قالت إقبل مني هذه النقود كما قبلت هديتك!

_ سيدتي إن كنتِ مصره فأهديني منديلك هذا 

= يافتي كيف أهديك منديلا تكسوه الأتربه قد مسحت به غلاف الروايه؟

_ سيدتي لا عليكِ فقد أهديتك رواية ممزقه يكسوها الغبار

فابتسمت الفتاه قالت حسنا لك ما تريد

فنظرت له للحظات ...ثم وضعت نظارتها ....خرجت علي استحياء...ركبت سيارتها....أدارت محركها ...وانصرفت


لم تقرأ حتي الآن الصفحة الأخيرة....والتي يقول فيها الراوي " فأهديتها روايتي...وأهدتني منديلها....كذكري خالدة معي....لم تكن تعلم أن من يقف أمامها هو مؤلفها....لم تكن تعلم أني كنت أنتظر تلك اللحظة من سنوات.....ما فتحت متجري إلا من أجل تلك اللحظة ....الآن لم يعد لي حاجة به....اليوم أكملت فصول روايتي ....وقد حان الرحيل "


فلما انصرفت الفتاة دخل المؤجر قال : يافتي اليوم هو أخر الشهر موعد دفع الايجار؟

_ حسنا سيدي خذ إيجارك ومفتاح متجرك...فلا حاجة لي به....قد قررت الرحيل....

في اليوم التالي....أمام متجري....وقفت سيارة فارهة....ترجلت منها فتاة....تضع نظارة شمسية....ظلت تنظر إلي لافتتي.....مكتوب عليها " مغلق" .....باب متجري مغلق....

خلعت نظارتها....وما زالت تنظر إلي لافتتي ودموعها تتقاطر....

فإذا بالمؤجر :يابنيتي هل من خدمة؟  يابنيتي المتجر مغلق اليوم 

قالت : أعلم ذلك فقد أخبرني بائع الروايات قبل رحيله....


بقلمي / محمد عيسى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق