السبت، 18 سبتمبر 2021

يتم على قيد الحياه ...بقلم سعاد شهيد

 قصة  بعنوان / يتم على قيد الحياه

دخلت بيتنا ، أقصد بيت أمي و أبي ، صمت قاتل كان في استقبالي ، قالت أختي و هي تسلم علي ، أتيت بدون أن تخبريني :

قلت أردتها أن تكون مفاجئة  .

دخلت غرفة أمي ، وجدتها شبه نائمة ، قالت من :

أجبتها أنا أمي ، سلمت عليها ، قبلت يدها المحمومة، لكنها عادت لتغفو من جديد .

كأن صوتي ماعاد يذكرها بشيء ،  و كأن المرض أنساها الشوق للأبناء، و كأنه سرق منها أمومتها.

تمتمت رأسي يؤلمني أريد حبة مسكن  .

و عادت تنادي على أسماء لا نعرفها ثم قالت أسندي رأسي على الوسادة أريد أن أجلس أرتاح من النوم ...

أمسكت دموعي ، لا أريدها أن تعرف أنني تألمت ، خرجت من غرفتها في اتجاه غرفة أبي ،  فبعد أن مرضا ، أصبح لكل منهما غرفته الخاصة به ، كأننا في مستشفى صغير ، هل أخبرتكم  أنهما لم  يكونا ليفترقا ما يزيد عن ستة عقود .

دخلت غرفة أبي قبلت يده قلت هل تذكرتني :

 قال بصوت خافت من أنت ؟! 

قلت إبنتك ..نظر إلي مجددا كأنه يحاول أن يتذكرني .

 ثم أسند رأسه على وسادته ، ليخلد للنوم من جديد ،

سألته  هل تتألم  ؟!

قال : قليلا لكن الحمد لله

رغم أن جسمه كله تقرحات من كثرة النوم لأنه لم يعد يستطيع أن يتحرك لوحده .

 ذبلت العيون الزرقاء ، ذابت العضلات المفتولة ، أخذ منه المرض كل ما استطاع ، عاد لوسادته الباردة ، فهي تتحمل هذا الجسم الذي أضعفه المرض و الحزن ...

أنين هنا و هناك 

و لنا آهات نحن الأبناء ، كل منا يحمل في عيونه حزنا و ألما يمزقه بدون أن يبوح به .

أبحث عن دفء كان هنا ، صخب الحياة ، ضجيج الأحاديث ، متابعته هو و أمي للمسلسلات . أحاديث لا تنتهي ، هنا و هناك في كل ركن من هذا البيت ، في كل زاوية حياة و دفء و صخب .... أبحث عن حضن أمي فلا أجده ، عن حرارة عناق أبي فلا أجده .

عن رائحة قهوة أمي ، أكلات أمي ، رائحة الخبز و هو في الفرن يغري .... آه ثم آه ثم آه

 كيف تغير منزلنا المفعم بالحيوية و الحياة إلى مستشفى صغير ،لكل غرفته ، و لكل طاولة أدويته ...

أحاديثنا في المنزل أصبحت مجرد أسئلة عن قياس السكر و ضغط الدم و هل أخذت أمي أدويتها ، و الخوف من نزول اوصعود نسبة سكر أبي ....

و هل تذكر من تكون !؟ و هل تذكرت من تكون !؟ لعن الله الزهايمر فقد حول حياتنا إلى موت على رصيف الحياة .

لا شيء أختي عاد كما كان بعد رحيلك ، فقد أخذتِ معك أختي الدفء و الحنان ، أخذت جو الأسرة و الأحضان ، و أخذت معك أختي كل ما كان ....

أخذت الفرحة و حلاوة الأعياد و المناسبات أخذت كل ما كان ...

لا شيء عاد أختي كما كان ...

أصبحنا أيتام على قيد الحياة 

رحمك الله أختي 

و لطفك اللهم 

لطفك اللهم 

بقلمي / سعاد شهيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق