السبت، 24 يوليو 2021

حصير الشوك ص5...بقلم الأديبة سمية مسعود

 يذكر يومها؟، يوما خريفيا ثقيلا حُبست فيه أنفاس الصبح بينما تمطى نور الضحى فامتدت أذرعة نوره الكاتمة إلى داخل غرفته القصيّة لتضغط  على أنفاسه وهو ملفوف في فراشه قبالة باب  الدار الحديديّ الذي يستقر في أقصى "الزنقة"  ليكون باب الدار و واجهتها في نفس الوقت فيطل منه و من مستقره أيضا كلما كان  شراع الباب مفتوحا على المارة حيث تتراءى  له أجسامهم كالحروف اللاتينية. يذكر يومها.نعم ذلك اليوم المزهر في ذاكرته النحاسية  التي لا يشوبها كدر النسيان. 


مولاي..أهيم بمن يتلحف الصبح محيّاها  

ومن تشع من سهم لحظها أنوار الأقمار

وترتخي لنظارة صدغها ووجنتها 

ستائر الخجل  ،.

ويل من غمازة هوى . ترتكن الى انفراد جدائل ...

حبستها فأبت أن تنسدل من كل جانب 

لتجعل من طلعتها سلطانه نور ومن نظرتها مرآة الأرض. 

كما لم يتسن لك يوم أن تراها .

نبض قلب

 تدفقت فيه الدماء مياها 

الى حين مرآها. 

 إنها الكلمات التي اذا توسلتها

 فرت خجلة

 وانحبست في آه وآه  من

 حروف

 لن تلقاها.

 غرفة  نور، تقدمت فتوهجت 

فغشي بصري .

وهام تصوري،.. عسى ان أفقه

 كيف؟ 

 كيف يتجمع هبوب النسيم

 مع فيء النخيل في واحة روح 

عز عنها الرضاب،

 لولاها .


مولاي، إنها صفاء اللبن، ضياء القمر، نور السهر، حفيف الشجر، لحن الوتر، مهجة  السفر، الشوق اذا انتصر. والدمع إذا  انهمر.         إنها لمياء: هي الشموس إلى يوم تقبض روحي إن كتب لها يوما أن تستقر. ويح قلبك يا "المنذر " كم تشتاق نفسك لعروسك التي اغتصبها القدر.


 ينظر المنذر إلى لمياء وهي تقف أمام الباب حيث تلتحق بها والدته ثم تتحادثان قليلا قبل أ ن تتوجه إلى غرفته وسط ذهوله من جمالها أولا ومن سرّ تواجدها في منزلهم ثانيا .

"يا المنذر يا المنذر " تنادي الأم وهي تتقدم نحو غرفته والفتاة  تمشي وراءها باستحياء . يقف المنذر بسرعة وقد كاد أن يسقط بفعل التفاف  رجليه باللّحاف . ثم يتقدم خطوات فيمسك بشراعيْ باب غرفته بكلتا يديه ويطلّ بجذعه مقدما رأسه في سحابة  من الذهول دون أن ينبس  بكلمة. ليسمع أمه صادحة:

  "إنها لمياء ابنة داده  الهادية ترجو منك الالتحاق بمنزلهم حيث يحتاجك عمك المولدي"


فيدفع المنذر بخصلة  شعره عن ناظريْه ليتمتع بإشراقة أصفى  ابتسامة وأعذب صوت وهو يقدم تحية الصباح ..


                سمية مسعود تونس 

                                      ص5.  ....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق