السبت، 7 يناير 2023

بدون بدايات ....بقلم الشاعرة فدوى گدور

 كتابة نثرية بعنوان : "بدون بدايات"

بقلم: فدوى گدور 


...وتعود...وليس كل عود أحمد...،تعود بعد يوم شاق وحار تهرول وتتسارع في الخطوات... تتسابق هي والشمس في الدروب والطرقات...تخشى أن يباغثها الغسق وتنهال عليها الظلمات ... وترشق بمواويل السب و الشتم و اللعنات...

...وتعود ...وهي منهكة تجر خيوطها كأنها عائدة من ساحة الوغى،جسدها النحيف تعبث  بها النسمات ... ولولا جلبابها المثقل  بالرقعات...وحذاؤها الشهم، لرأيتها تطفو في الفضاء كطائرة مصنوعة من حبال ووريقات... أو كطيف مرسوم بمداد السحاب يكاد يتلاشى في السموات...حتى كيسها الذي يتأرجح بين يدها اليمنى واليسرى لم  يزيد ثقلها شيئا...بل زادها قلقا وخوفا من أن  تصافحه أيادي اللصوص في الزوايا و المنعطفات ...فهو حصاد يوم كامل  وتعب ساعات وساعات...

رغم أنه خاوي الوفاض إلا من بعض حبات برتقال منبوذ وأنصاص تفاح مغضوب عليه ....وبقايا طعام أو بالأحرى فضلات... يضم من كل طبق فتات ،كأنه مأتمر الأكلات....

...وتعود وفي جيبها مشبك شعر وردي على شكل فراشة مكسورة الجناحات ..كمكافئة تقدمها لطفلتها التي لم يتجاوز عمرها العشر سنوات...على حضانة أخيها الصغير وعلى حسن الأداء...

...وتعود..مخربة المشاعر وفي صدرها اوقدت آلاف الجمرات ... محبطة بين مد وجزر أشباه بشر بقلوب من حجر...حشا أن نشبههم بالحيوانات.....هذا يستفزها يريد استغلالها و ذاك  ينتظر زلتها ليساومها ليبيع ويشتري في عرضها والأخرى تجحذ صوتها و تصرخ مكشرة عن أنيابها  لتشفي غليل  فشلها وتنسى ما لم بها من خيبات...وأزمات....

...وتعود ... متلهفة للارتماء في حضن أريكة جلدية باردة سوداء ... منزوعة الغشاء نال منها الزمن والتعري فأصبحت شاحبة بيضاء...  أسلاكها تلمع على بصيص نور النجمات.....

...وتعود ..مشتاقة لعناق  وسادتها الرمادية لا بل خضراء بخطوط مربعة  تشبه التي نجدها في السجون و المستشفيات.... وسادة  رطبة  خصبة تكاد تنبت العشب وتزهر الوردات من فيض ما ارتوت به من  دمعات ....

...وتعود.....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق