القصيد من كلمات الشاعر محمد الفاطمي
أتيتك عاشقا
ألا عودي إلى أهلي وجودي***فإنّ الوردَ أزهرَ في الخُـــــــــدود
تعاليْ كيْ نُغرّد كلّ صبحٍ***فإنّ الشّــــــــــعر بوصــــــلةُ الوجود
فأنت مسرّتي ومُنى ابْتهاجي***وأنت الحبُّ في وطــــن الجـــدود
سأرقبُ وعْدكِ الميمونَ حتّى***تبوحي بالمـــــــــــودّة في الرُّدود
فَأفْرَحُ بالتّي اخترقتْ فؤادي***بسحْر العطـــــرِ من وسط الورود
////
ألا يا أحْرُفَ الإبْداعِ صولي***فجُـــــــبنٌ في الهــــــوى ألاّ تقولي
سألتك حينما كنّا التقينا***على نظـــــــــــمٍ ترسّـــخَ في العُقــــــولِ
فكان جوابُها لُغةً تُحاكي***نسيماً في العــــــــــطور من الحــــقول
أباحتْ بالهوى سرّاً وجهراً***وأعلنتِ البَليغَ منَ الميــــــــــــــــول
إليك نظمتُ شعري بانشراحٍ***تقدّمَ راكباً أبْـــــــــهى الخـــــــيولِ
////
ألا يا أَحْرُفَ المَبْنى دعيني***أسيرُ مع البـــــــــيانِ إلى الحــــنين
فحُبُّ الضّاد علّمني التّأنّي***ولَقّنني التّمسّك بالمُــــــــــــــــــــبين
ألفتهُ في التّـــــفكّرِ فاجْتباني***بِنَقْشِهِ للدّلالةِ في جـــــــــــــــبيني
وبينَ النّاسِ ميّزني بِصوتٍ***تيسّر بالعطاء من المعـــــــــــــين
فجاءَ الكَسْبُ مُبتهجاً بسحرٍ***تناثرَ كاللآلئ مِنْ يمــــــــــــــــــيني
////
أتيتكِ عاشقاً فصل الشّتاء***أغرّدُ في الصّباح وفـــــــــي المسـاء
رسمتك في مُخيّلتي ملاكاً***كأنّكِ في الهــوى أرْقى النّــــــــــساء
تُنادين الحبيبَ بكلّ شوقٍ***وهَمْسُكِ قــــــــد تزّيــــــــــنَ بالرّجاءِ
فما أدري أهذا فيك طبعٌ؟***أم الإنشاءُ أبـــــــــــــــــدعَ في الأداءِ
وإنّي منْ هواك جنيتُ حبّاً***تعـــــــطّرَ بالرّفيــــــــعِ من الحـــياءِ
////
أيا صنّاجةَ الأُدباءِ ثوري***فثورتك اخْـــــــــــتراقٌ للعــــــــصور
تريدين التّخلّصَ من هوانٍ***ومن قيمٍ تـــــــئنُّ من القــــــــصـــور
ورفضك للتّسلّط قولُ حقٍّ***لأنّ الحبَّ يولدُ في الشُّعــــــــــــــــورِ
فما حبُّ الحبيب يكونُ قسراً***ولا الأشواقُ تزهرُ بالـــــــــنّفــــور
ومن عاش الحياة بلا حبيبٍ***أضاعَ العُمْرَ في كنفِ القــــــشـــور
////
وجدتُ الحبَّ في وسط الحمام ***وبين النّاس من صـــنف الكرام
فسرتُ إليه في خطوي حثيثاً***لأمنحهُ الطّـــــــهورَ مــــن الوئام
وحينَ وجدتهُ انبهرتْ عيوني***وحار الذّهن في لُغَةِ الحَــــــــمام
سمعتُ البوْح شعراً من شفاهٍ***بحمرتها اتّجــــهتُ إلى الأمـــــام
سَمِعْتُهُ فاستبدّ بي انبهاري***لأنّهُ في الرّفـــــــــــــــيع من الكلام
اليكم التحليل النقدي بقلمي وعلى قدر التذوق للحرف والقصيد أتمنى قبولكم
القصيد رائع وفيه من مشاعر الرونسية ما يجعلنا نتتبع الحب من مصدره لمصبه
ونبدأ التغلغل بعنوان القصيد أولا
آتيتك عاشقا
إذن فإن القصيد يحكي حكاية عشق وبوح أظنه سيكون ملئ بالاحساس الفائض بالعشق وأن قصة القصيد لعاشق وليست لعاشقة
آتيتك عاشقا ربما توحي بانسان يقدم كونيته واختار عشقه أن يكون كونيته وعنوانه وما يميزه كشخص في أول تعارف
ومن بعدها سالتزم بنسبه عاشقا فأقول
يقول عاشقنا في أول بيت
ألا عودي إلى أهلي وجودي_ فإن الورد أزهر في الخدود
ألا وهو حرف إستثناء وكأنه يرترجاها تعود إلى أهلي وجودي بالعطاء فحين تأتي الورد يزهر في الخدود وهو تعبير مجازي يصرح بتشبيه وجودها بالورد الذي يزهر وينصع حماره كما الدم يفعل بالخدود حين يسري فتحمر الخدود جمالا
ينادي عاشقنا ويقول لمحبوبته
تعالي كي نغرد كل صبح_فإن الشعر بوصلة الوجود
يدعوها للتغريد كالطيور الغناء كل صباح فرحة بالشروق ويصف الشعر أنه وصلة الوجود أي هو سر الحياة
فأنت مسرتي ومنى ابتهاجي_وأنت الحب في وطن الجدود
ويصف عاشقنا حالته من البهجة بسبب محبوبته ويشبه حبها بحب الوطن الراسخ في التكون والاصول كالجدود القدامى
سأرقب وعدك الميمون حتى_ تبوحي بالمودة في الردود
ويذكر عاشقنا وعد محبوبته له الجميل بالمودة في الردود ربما يقصد ما يقدمه لها من حب وينتظر مردوده من حب ايضا
فأفرح بالتي اخترقت فؤادي_بسحر العطر من وسط الورود
ويكمل بفرحته ببوح عشيقته انها إخترقت فؤاد عاشقنا ويشبه حبها بالعطر الناتج من الورود وأريجها المنعش
ألا يا أحرف الابداع صولي_فجبن في الهوى ألا تقولي
وعاد للاستثناء ثانيا ليذكر أحرف الابداع كما بالادب والشعر ويذكرها بأن عدم بوحها هذا حبن وهي مقتبسة من بين معروف لنذار قباني وهو ملك الشعر الرومنسي
سألتك حينما كنا التقينا_على نظم ترسخ في العقول
يقول عاشقنا سألتك وتفيد اتفاق فيما بينهما حين التقيا مسبقا بأنهما ينعقد بينهما نظام تعقله العقول ومتفقين عليه معا
فكان جوابها لغة تحاكي_نسيما في العطور من الحقول
وكان جواب حبيبته كالعطر الذي يتناغم مع النسيم في ألفة وهذا يوحي باندماج الفكر والحب فيما بينهما
ونستكمل رحلة المتعة بين أبيات القصيد ليقول عاشقنا
أباحث بالهوى سرا وجهرا_وأعلنت البليغ من الميول
فيذكر محاولات البحث عن الحب سرا وجهرا وكان ردها البليغ بالميول لحبه وتبادل المشاعر فيما بينهما
إليك نظمت شعري بإنشراح_تقدم راكبا أبهى الخيول
ويصف عاشقنا نظم شعره لمحبوبته وهو منشرح الصدر مسرور وأنه في سموه وعلوه كأنه راكبا الخيل وما تعنيه الخيول من أصالة وعلو وقيمة
ألا يا أحرف المبنى دعيني _أسير مع البيان إلى الحنين
يخاطب عاشقنا أحرف الشعر الذي يلقيه لمحبوبته ويرجوه أن يؤثره بالحنين يستوضحه في أبياته
فحب الضاد علمني التأني_ ولقنني التمسك بالمبين
ويعرض هنا خبرته بالحرف ولغة الضاد أي لغة القرآن أنه تعلم من خلالها الوضوح والتأني في إختيار المفردات ليزداد عمقا بالمعنى الذي يريده
ألفته في التفكر فاجتباني_بنقشه للدلالة في جبيني
يذكر العاشق أنه ولغة الضاد ألفة مع بعضهما فأدركته النقش أي التزيين بالحرف وجماله حتى أصبحت صبغة ترسم على جبينه وهو مجازا صفة المتمكن من اللغة والابداع بالحرف
وبين الناس ميزني بصوت_تسير بالعطاء من المعين
ويذكر العاشق أنه ذات تميز بخبرته هذه للغة الضاد واستحسان المعنى والعطاء لمقصد معين مراد
فجاء الكسب مبتهجا بسحر_تناثر كاللآلئ من يميني
ويصف العاشق نفسه والمكسب الذي يستخرجه من يمينه بالخير والبركة
أتيتك عاشقا فصل الشتاء_أغرد في الصباح وفي المساء
ويذكر مجيئه لمحبوبته في فصل الشتاء ويرغب الحب فيه للدفء والعواطف الساخنة ويذكر يومه كله في الصباح والمساء أيضا
رسمتك في مخيلتي ملاكا_كأنك في الهوى أرقى النساء
يقول العاشق لمعشوقته أنها في خياله ملاكا بما تصفه الملائكة من جمال ونقاء وأنها أرقي النساء وأجملهم
تنادين الحبيب بكل شوق_وهمسك قد تزين بالرجاء
ويهمس لرقة محبوبته ويقول انها تهمس له بشوق تزينه الرجاء وهنا يستوضح تواضعها بالعشق لا الكبرياء
فما أدري أهذا فيك طبع؟_أم الإنشاء أبدع في الآداء
ويتعجب من صفاتها بالهمس والرجاء ويسأل هل هذا طبع في صفات محبوبته أم أنها تبدع حين يأتي الظرف في الآداء
وإني من هواك جنيت حبا_ تعطر بالرفيع من الحياء
يقول العاشق بما حصد من حبه لمحبوبته حبا كساه الحياء وهذه الصفة جميلة بالحب وتزيد الاشتياق
أيا صناجة الادباء ثوري_فثورتك إختراق للعصور
أيا صيغة نداء فيذكر يامبالغة الادباء ثوري يقصد استدعاء حرفية الادب وجودته فهذه المبالغة أجمل ما يتركه الاديب للتاريخ والعصور
تريدين التخلص من هوان_ومن قيم تئن من القصور
يتحدث عن ثورة الادباء بكل عفوية حين تثور للتخلص من السلبيات الظاهرة بالهوان الذي يصيب البعض جراء المظالم التي تصيب البعضويذكر القيم المتعبة من القصور وهي رمز يعبر عن الطبقة الظالمة ممن يقودون البلاد ويكثرون فيها الفساد
ورفضك للتسلط قول حق_لأن الحب يولد في الشعور
ومازال يذكر أخلاق الادب وقيمه المصحوبة لعازفيه انهم يرفضون التسلط على البشر والحياد عن الحق وأن الحب يولد في الشعور فما يستدركه القلب هو المؤثر على الاديب وكتاباته
فما حب الحبيب يكون قسرا_ولا الأشواق تزهر بالنفور
بمعنى أن الحب حر لا فرضا فيه ولا الزام وأن الاشواق إلا لمن تندمج معه المشاعر والالفة وليس الهاربون من ملاقاة المشاعر وتبادلها
ومن عاش الحياة بلا حبيب_ أضاع العمر في كنف القشور
يلوم العاشق القلوب التي عاشت عمرها بدون الحب انها ضيعت عمرها هبائا في حضن مظهر ما هو الا سطحا للحياة بلا عمقها
وجدت الحب في وسط الحمام_وبين الناس من صنف الكرام
يعبر العاشق أنه وجد الحب وسط الحمام أي محفوفا بالسلام والأمن وبين الناس وجد الحب عند الكرام والواهبون ما لديهم بالعطاء
فسيرت اليه في خطوي حثيثا_لأمنحه الطهور من الوئام
فسار العاشق الى مكان وجود الحب حثيثا أي بشكل يتبعه الخفة والاحساس ليكون معه على وصال ووئام
وحين وجدته انبهرت عيوني_وحار الذهن في لغة الحمام
ويذكر عاشقنا انه حين وجد حبه دهشت العيون لجمال ما أراده في حبه وأطلق خياله الى لغة الحمام حين يعشق وفي عادات الحمام التقبيل والحميمية كمشاعر راقية وهامسة وحساسة
سمعت البوح شعرا من شفاه_بحمرتها اتجهت الى الامام
يرسم عاشقنا صورة بالخيال وهي منظر الشفاه حين تمتد للأمام أثناء البوح وتشعل الغرائز حين الانتباه
سمعته فاستبد بي انبهاري_في الرفيع من الكلام
فهو العاشق الولهان اصابه الانبهار حين سمع شعر محبوبته وانطلاق حركات شفاهها لحظة الالقاء لقولها حلو الكلام ورفعته
أتقن شاعرنا قصيده وأبدع النظم بالكلمات لكي يحدث ما نحن فيه من متعة وجمال
تحياتي لروعة القصيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق