"وَأنتَ فِي وَطَنِكَ"
***
هَل مَازَالَ ذالِكَ الإحسَاسُ العَجِيبُ بِالحِمَايَة وَالطُمَأنِينَة؟
تَتَسَارَع الأحْدَاث عِندِي فيُخَاطِبُ نَهَارِي ليْلِي سَئِمْتُ التسَترَ بِرِدَائِكَ حَتّى أنّنِي لم أعُد أطِيقُ طولَ سُكُونِكَ وسُكوتِك أيَّا الليل فَقدْ أنهَكنِي زَخمُ الحَيَاة وشَقائِهَا فِي تَرَقبِ انبِلاج شَمسٍ تَأتِي بِفرَجٍ طَالَ أمَدُهُ، حَتى أنّنِي أصْبَحتُ أمَلُّ مِن كُل أشيَائِي التِي لطالَ مَا كَانَت ثَمِينَة فِي نَظرِي، حتى أنّنِي أصبَحتُ أخَافُ أن يَنضَبَ بَحرُ كلِمَاتِي وتَجف مَحَابِرِي وأخَاف أن يَسْكت قلمِي، أخَافُ أن يُغلقَ طَرِيقِي المَسدُودُ أصْلًا وأجَالِسُ وِحْدَتِي مَعَ حُزنِي وتَعَاسَتِي بِرِفقة ألمِي وَوَهَنِي .
فِي وَطَننَا العَربِي قد يَكُونُ الحُلمُ سَقطَ فِي بِئرِ يُوسف ولكِنّي عَلى يَقِين أنّ قَافِلةَ العَزِيز سَتَمُرّ يَومًا لِتلقِي حَبلَ النَجَاة لِهَذا الوَطنِ العَرَبِي، الغَرِيقُ والغَالِي والذِي كُلمَا أذكُرُ التَفاصِيلَ تَنتَابنِي رَغبَة جَارِفَة فِي البُكاء بل البُكَاء المُرْ عَلى وَطنٍ أسْقَطُوه فِي الحَضِيض وأهِينَ فِيهِ العُلمَاء وَالشُرَفَاء وَالمُثقفُونَ وكل شَيء جَمِيل وتُرِكَ للمُوَاطِن دَفعُ الثمَن فَيَموتُ المُواطِنِ فِي اليَومِ ألفَ مَرّة و مَرّة حَتى أنّكَ تَسمَعُ مَعَ كُلّ غُرُوبِ شَمسٍ صَرَخَاتٌ تُذِيبُ النُفوسَ فَألعَنُ زَمَنِي الرَّدِيء، زَمَنُ التِجَارَة بِدَم العِبَاد والسَّمَاسِرَة بأروَاح البَشر حَتى نَخَالُ الأروَاحَ كمَا الكُتُبِ تُبَاعُ عَلى أرْصِفةِ الطرِيق .
لِلبَيتِ رَبّ يَحمِيه هَذِه حَقِيقَة أمْ هُو حُلمِي مَعَ أحْلامِكُم التِي لمْ تَأتِي بَعد ولكِنهَا لن تُخلِفَ مَوَاعِيدَهَا أبَدًا رُبّمَا هِي تَنتَظِرُ وَقتًا أفضَل لِتبَاغِتَكم بِفَرحَةٍ ولعَلهَا تَختَبِرُ صَبرَكم وَجِدّيَتَكُم فَلا تَيأس يَا ابن حَواء فِي انتِظارِهَا، فَكم مِن وَجَعٍ ظنَنتُم أنّه لن يَبرَأ أبَدًا فأبدَعَ الله بَعدَ يَأسِكم فِي مُدَاوَاتِهِ ، لا تَتَعَجّل فرْحَكَ يَا ابن آدم ثِق سَيَتَخَطى الخَلقَ كُلهُم وَيَصِلُ إليْكَ وَرُبّمَا يَصِلُ عَلى يَد مَن مَنَعَ ذَلِك الإحسَاس العَجِيب بِالحِمَايَةِ وَالطُمَأنِينَةِ
اصنَع لِنفسِكَ دِرعًا رَبَّانِيًا يَحمِيكَ وَدَع النّتَائِج تُبهِرُهُم لِأنّك فِي وَطنِك .
***
"أنت في وطنك"
عزالدين الهمامي
بوكريم – تونس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق