الاثنين، 21 فبراير 2022

نيران الفراق .....بقلم الشاعر وسام الحرفوش

 نيران الفراق

**********


لا زلت أنتظر عودتها

بعد أن مضت وأرقبها ترقب 

العطاش لقطرة غيث

... كانتظار الأم لأول وليد

لم أعد اذكر ... كيف مضت


... بالأمس القريب ... 

ساعة غياب الحنين

أتت متثاقلة وقالت شيئاً يشبه

السحر أو عبقاً من الحب ربما

... طلبت أن أمدّ لها يدي

وتثاقل الجسد فوق ركام الحنين

وارتمت في حضني

تغمرني كقطة صغيرة

تغلعلت في كومة من القش

ونامت


.... لا أدري ماذا حلّ بي

توقف الفكر مشدوهاً

وتسارعت خفقات قلبي

وكأنه و خفق فؤادها

في تسابق يعتريه خوف من المجهول

.... لست أدري


.... ضممتها إلى صدري وكدت أحطم أضلاعها

وتلوّت بنظرتها الملائكية .. بمكر المتيمة

وقالت : ألا إنك مأوايِ وملجأي

إن اشتدت النوائب ... 

واغرورق الدمع في مقلتيها 

كأنه حب بَرَدٍ يتساقط

في فصل الربيع .


.... عادت لحضني

وتعمقت وغاصت حتى أحسستُ أنها

دخلت دهاليز الوتين ....


وبعد هدوء العاصفة

لملمت شعرها الأرجواني

ومسحت عبرات الجوى

وهدهدت لها حتى

استقر بها الجنان بروضتي

....  مضت كسراب بين طيات محاجري


واسترقت اللب و راحت تراقصه كأرجوحة

صنعها لها قمر نيسان 

.... ومضت .. 


يبدو أنني كنتُ طفلاً غبياً 

... هي كانت في القلب

وكنت أنا بين ذراعيها تكاغي لي

وما عرفت أنني بعفويتي

القاتلة حطمت حلم امرأة .. 

اجتاحت كياني واستعمرت جوارحي

.... ومضت ... 


رأيتها تبتعد بتؤدة

كهيدبة الخيل أو رقص القطا

.... ومضت ... واختنق صوتي وحشرج ...

حتى إذا بح الصوت كان المسير قد غدا

فراسخ شجن تأنُّ بلا صدى 

... ومضت .. 


كانت كالحلم

كهمساتٍ و هلوساتٍ

في ضحى الذاكرة 

.... لكنها مضت


أرسلتْ عصفها بداخلي صرصراً

فاقتلع ما اقتلع ومحى بكثبانه

كل دفاتري وصرتُ بلا فهرس

اشد هامش صفحاتي المحترقة 

.... ومضت


 لملمتُ ما تبقى من ملامحها

ولكنها كانت قد مضت

كيف ؟؟!! لا يُسأل السهم

كيف يُفارق الوتر

لماذا ؟؟!! لا تُسأل النحلة

كيف تلاعبت بزهرة

واستقت رحيقها 

... ثم مضت 


ياإلهي ... 

كأنني من كثبان رمل

تصلبت بعيد سخ المطر

وبعد أن جففتني الشمس

تهاويت كريشة يمرجحها الريح

ولا تهتدي 

.... ومضت


لم تقل إلى اللقاء .. 

لم تقل حتى وداعاً

فقط مضت ... وتركت على رصيفي

آثار أظافرها وبضع وطآت أقدام

في الحشا 

... ومضت


ياااااه كم تغافلنا الأيام

وكم نشتهي لحظة لا نعرف ماذا نسميها

لا عيد ولا كرب ... لا سلو ولا تعب

لا حزن ولا فرح ... لا شدو ولا ترح

لا لن أسميها بأي اسم

فبعدما مضت

اصبحتُ قلباً بلا نبضٍ

ويوماً بلا غدِ


وسام الحرفوش

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق