الجمعة، 5 نوفمبر 2021

المحطة ....بقلم الشاعر عجيل مزهر الاسدي

 المحطه

-------- الفنان التشكيلي عجيل مزهر الاسدي

------'

البردُ يجتاحُ مفاصلي

والضبابُ يلفُ اجزاءَ المدينهْ

وانا اسرعُ بحثاً عن حبيبيَ 

الذي جَرَحتُهُ ولم اذقْ بعدَها 

الراحةَ

فاخبروني انهم راوهُ يحملُ  حقيبَتَهُ

متوجهاً نحوَ محطةِ القطارْ

البردُ شديدٌ والضبابُ كثيفْ

فقد تبللَ وجهيَ واحمرَّتْ وجنتايَ

دلفتُ الى محطةِ القطارِ  والبردُ 

يكسرُ عظامَ يديَّ

وقفتُ ببابِ مقهى المحطةِ مسَحتُ 

روادَ المقهى بنظرةٍ فاحصةٍ والضبابُ

يتدافعُ للدخولِ الى المقهى

لمَحتُ حبيبيَ جالساً الى طاولةٍ 

وحيداً وساهماً

اسرعتُ وجلستُ قبالتَهُ تماماً 

الى نفسِ الطاولةِ 

حييتهُ .ردَّ التحيّةَ بانزعاجٍ ومرارهْ

دونَ اَنْ يعيرَني اهتماماً

عَدَّلَ شعرَ راسِهِ المبللِ برذاذِ المطرْ

طلَبَ منَ النادلِ فنجانَ قهوةٍ واحداً 

لم يلتفتْ اليَّ وكاني غيرُ موجودهْ

الناسُ تتراكضُ في الخارجِ تحتَ 

نثيثِ المطرْ والضبابُ يكسو زجاجَ 

النوافذْ

مَرَّ عشيقانِ خارجَ المقهى رسما 

قلبينِ متقاطعينِ على سطحِ الزجاجْ

قهقها وانصرفا متحاضنينْ

وضَعَ حبيبي السكَّرَ في فنجانِ القهوهْ

وكاني غيرُ موجودهْ

لم يلتفت اليَّ وكاني غيرُ موجودهْ

شرب القهوةَ بسرعةٍ واعادَ الفنجانَ

ولا نظرةٍ ولا كلمةٍ معي

صَفَّرَ القطارُ مرتينِ ايذاناً بقربِ الرحيلْ

وضعَ حبيبي سيجارةً بينَ شفتيهِ

ولا كلمةٍ او التفاتةٍ منه اليَّ 

البردُ يجتاحُ فناءَ المقهى نفخَ دخانَ 

سيجارتهِ .تصاعدَ الدخانُ يتلوّى

بحلقاتٍ متصاعدهْ

ارتدى معطَفَهُ على عجلٍ  لم يلتفتْ 

اليَّ ولم يكلمني

صَفَّرَ القطارُ مرةً ثالثهْ رفع حبيبي 

ياقةَ معطفهِ الى اعلى رقبتهِ

حملَ حقيبتَهُ .خرجَ منَ المقهى مسرعاً 

دونَ اَنْ يلتفتَ اليَّ ولم يكلمني فتَبِعتُهُ

اخذَ المطرُ يهطلُ بغزارةٍ دخلَ حبيبي

عربةَ القطار وجلسَ على مقعدٍ قربَ 

الشُبّاكِ المُطلِّ على رصيفِ المحطةِ 

جلستُ على مقعدٍ خشبيٍ على الرصيفِ 

قِبالةَ شُباكِ حبيبي وَسْطَ الضبابِ 

وخرير المطرْ والبردُ القارسُ يهاجمني

تحرَّكَتْ عرباتُ القطارِ (التفَتَ حبيبي اليَّ)

من وراءِ زجاجِ النافذهْ واشاحَ بوجههِ عني

ابتعدَ القطارُ وهو يسيرُ بطيئاً ولا زلتُ 

اسمعُ طقطقاتِ عجلاتهِ فوقَ سكة الحديدِ

لقد غادرَ كلُ المودعين المحطةَ وبقيتُ

وحدي تحتَ وابلِ المطر وضعتُ راسيَ

بينَ كفيَّ  وبكيتُ بمرارهْ ومنَ المقهى 

تناهى الى سمعي صوتُ اغنية( يمسافر 

وحدك وفايتني ليه تبعد عني وتهجرني)

لقد فرغت المحطة من المودعين ولم

يبقَ فيها الا المطر وانا وما زلتُ ابكي 

وراسيَ بينَ كفيَّ 

سَبَحتُ بماء المطر . احسستُ يداً تُمسِكُ 

كتفي وتمسحُ الماءَ عن شَعري رفعتُ 

عينيَّ وجدتُ حبيبيَ واقفاً نهضتُ 

باندهاشْ غيرَ مصدقةٍ ما ارى تعانقنا 

بحرارةٍ فاحسستُ اننا لا يستغني 

احدُنا عن الاَخر وكفى مكابرهْ

ومضينا متحاضنينِ نشُقُ طريقَنا وسْطَ

الضبابِ الكثيفِ والمطر الغزير

-------------------------------------------- عجيل مزهر الاسدي

                                    الاربعاء    ٢٠٢٠/١١/٤

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق