الاثنين، 22 نوفمبر 2021

ميكرو بص الجزء 1.2.3 ...بقلم الأديب محمد عيسى

 ( ميكرو بص )...الجزء الأول _ الثاني _ الثالث


يسمونه طريق الموت...سُجل هذا العام 1200حالة وفاة علي هذا الطريق...


إكتمل عدد الراكبين ...إلا من راكب واحد...


جميع الركاب علي عجلة من أمرهم ...

قالوا أيها السائق تحرك الآن ...سترزق حتما بأحدهم أثناء الطريق...


" إستقل السائق كرسيه، قام بتشغيل محرك السيارة ، فإذا بسيدة تنادي بأعلي صوت ، أيها السائق إنتظر"


الآن ...إكتمل العدد...


تلك السيدة ...يبدو عليها أنها علي وشك الولادة...يبدو من ملابسها أنها من طبقة الفقراء الكادحين...


" حاولت أن تصعد الميكروبص بلا مساعدة ، إلا أن جارتها في المقعد ، مدت لها يدها ، ساعدتها حتي استوت بجانبها "


" تحرك الميكروبص "...


= أشكرك علي مساعدتك لي...ما أسمك؟


_لا شكر علي واجب ...إسمي " عاميه"...وأنتي؟


= إسمي " فصحي"...


" ما زالت فصحي تتألم وكأنها آلام الوضع "


صرخت عامية : والنبي ياخويا دوس بنزين...الست بتولد...لازم تكون في المستشفي دلوقتي...


السائق : حاضر ..حاضر...إستحملي ياست قربنا نوصل المستشفي


عامية : متخافيش أنا مش هاسيبك ...بس قوليلي إنتي ليه رايحه تولدي في مستشفي حكومي ...وفين جوزك وعيالك؟


فصحي : ذاهبة إلي مشفي عام لأني لا أملك النقود للمشافي الخاصة...فقد أبلغني الأطباء أن ولادتي لن تكون طبيعية...ولابد  من عملية قيصرية ...ستكلف الآف الجنيهات...وزوجي يعمل بالخارج...وقد تأخر في إرسال النقود...وهذا الطفل سيكون وليدي الأول...ليس لي أبناء ...


عاميه  : متخافيش أنا هانزل معاكي المستشفي ومش هاسيبك لحد ما تقومي بالسلامه....


" صرخت فصحي من الآلم "


صرخت عاميه في وجه السائق تستعجله ..


إرتبك السائق ...ما بين النظر خلفه للسيدة التي تتألم والسيده التي تصرخ في وجهه...فنظر أمامه ليتفاجأ بطفل يعبر فجأة...ضغط مكابح التوقف ....تشبث في عجلة القيادة بكلتا يديه...لف عجلة القيادة إلي أقصي اليمين ليبتعد عن الطفل...فقدت السيارة توازنها...


" ما زالت السيارة تتقلب علي الطريق ، وكأنها كرة ركلها  أحدهم بقدمه ، حتي اصطدمت بعمود إنارة علي جانب

 الطريق...


( ميكروباص).......الجزءالثاني


السائق ما زال علي كرسيه...عجلة القيادة إمتزجت بقفصه الصدري...وكأنها أبت أن تتركه ...


أجسادهم إفترشت الطريق...ما بين قتيل وجريح...


فصحى فاقدة الوعي ...دمائها تنزف بغزارة...


عاميه بالكاد فتحت عيناها...حاولت الوقوف علي قدميها لم تستطع...نظرت يمينا ويسارا...تبحث عن فصحى...فإذا بها تراها عن بعد غارقه في بحر من الدماء...


حاولت عامية من جديد الوقوف علي قدميها...وكلما إنتصبت سقطت...زحفت إليها...وضعت يدها علي جرحها العميق ...لم يتوقف النزيف...خلعت حجابها ...ربطت جرحها...سقطت بجانبها مغشيا عليها....


"تجمع الناس من كل صوب وحدب ، يشاهدون ، يصورون بهواتفهم النقالة ، الجميع خائف ، جميعهم ينتظر وصول سيارة الإسعاف "


 مضي من الوقت الكثير ...لم تصل سيارة الإسعاف بعد..


فلما عوى صوتها المخيف...هرول المسعفون يتفقدون من كان حيا...


صرخ المسعف : إحملوا السيدتين ...ما زالا علي قيد الحياة...


"إنطلقت سيارة الإسعاف تحمل كلاهما"


أخرج المسعف جهازه الاسلكي : من إسعاف الطريق إلي المشفي العام...نحن في الطريق إليكم...حالة طارئة...

سيدتان في حالة حرجة ...


المشفي العام : أسمعك بوضوح...تم فتح البوابات علي مصراعيها....وجاري تجهيز غرفة العمليات...


المسعف : أسمعك بوضوح ...الوقت المتوقع للوصول خلال عشرون دقيقة...

المشفي العام : عُلم ....وجاري إتخاذ اللازم...


( ميكرو بص )...الجزء الثالث والأخير


في قسم إستقبال الحوادث...إلتف الأطباء حولهما..تم تضميد الجروح والكدمات ...مازالت فصحى فاقدة الوعي...وضعوها تحت جهاز تنفس إصطناعي...


ما بين سرير عامية وفصحي مسافه لا تتعدي مترا واحدا...


إستعادت عاميه وعيها...نظرت بجانبها ...لتجد فصحى مغمضة العينين ...موصول بجسدها أجهزة ...


قالت : يادكتور بالله عليك طمني عليها صارحني بالحقيقة...


الطبيب : حالة الأم حرجه...حالة الجنين مستقرة...يجب أن تخضع الأم لنقل دم الآن ...إلا إن فصيلة دمها نادرة ...تلك الفصيلة لا تتوفر بالمستشفي الآن ...نحتاج إلي متبرع علي وجه السرعة...


عاميه : يادكتور خد عينه من دمي وافحصها حالا...


الطبيب : سيدتي هذا غير ممكن ...يجب أن أخبرك بالحقيقة...ستخضعين لعملية جراحية وربما سنضطر لإستئصال زراعك الأيمن...وربما ستحتاجين لنقل دم أيضا...


عاميه باكيه : انا مش هاعمل اي عمليات دلوقت...بالله عليك خد عينه من دمي وافحصها...


" أمام بكاء عاميه وإصرارها ، تم سحب عينه منها لفحصها"


بعد دقائق عاد الطبيب فرحا : سيدتي تبين من الفحص أن فصيلتها النادرة  توافق فصيلتك...


" تم سحب الدم من عاميه ، وتم توصيله بفصحي "


ما زال كيس الدم معلق أعلي فصحي ...تنساب قطراته في وريدها  قطرة تلو الأخري...


شيئا فشيئا بدأت فصحي تفتح عينيها...إنتظمت ضربات قلبها...

علي وجه السرعه أدخلوها غرفة العمليات لإنقاذ الجنين...


" ظلت عاميه تدعو ،تترقب ،خائفة "


بعد دقائق ...سمعت صراخ الطفل ...إبتسمت ...أدمعت عيناها فرحا...


خرج الطبيب يبشرها أن الأم ووليدها بخير...


نظرت عاميه للطبيب قالت : يادكتور دلوقتي تقدر تعمل اللي أنت عايزه ...أنا مستعدة للعملية 


الطبيب : حسنا سوف تدخلين عقب خروجها...


" مرت ساعة ،فُتح باب غرفة العمليات لتخرج فصحي وتدخل عامية"


....وتلاقىٰ السريران ...


نظرت عاميه لها مبتسمه : حمدالاه علي سلامتك ...

نظرت لها فصحي تبتسم لم تستطع الكلام ..ما زالت تحت تأثير المخدر...


....وإفترق السريران...


" ظلت عاميه ساعات داخل غرفة العمليات ، تم بتر زراعها الأيمن "


..................بعد مرور ثلاثة أسابيع داخل المستشفي........


خرجت فصحى تحمل رضيعها تسير بجوارها عاميه تضع زراعها الأيمن المصطنع علي كتف صديقتها فصحي يسران معا...يتبادلون الحديث والضحك....


توجها معا إلي المكان  المخصص لسيارات الأجرة...


ركبا معا الميكروباص...في المقعد خلف مقعد السائق مباشرة...


إكتمل العدد....إلا من راكب واحد...


جميع الركاب في عجلة من أمرهم ...


قالوا : أيها السائق تحرك الآن ...وسترزق حتما بأحدهم أثناء الطريق...


جلس السائق علي مقعده...قام بتشغيل محرك السيارة...


فإذا بفتي ينادي بأعلي صوت : أيها السائق إنتظر...


الآن إكتمل العدد...


جلس الفتي جوار فصحى وعاميه....


" إنطلقت السيارة"


السائق : يا أستاذ الأجرة لو سمحت...


مازال السائق يكرر كلامه مرارا...والفتي لم ينتبه ...مشغولا مع هاتفه النقال...


فصحي بصوت عال : أيها الفتي ...السائق يطلب منك الأجرة!!؟


الفتي : عزرا لم انتبه ...تفضل سيدي ها هي الأجرة


فصحى : أيها الفتي حاول ألا تنشغل بهاتفك هكذا طول الوقت...


الفتي : عزرا سيدتي ...فسبب إنشغالي أنني أوشكت علي وضع النهاية لقصتي التي أكتبها...


فصحي : أنت قاص إذن... ما إسم قصتك


الفتي : لا بل هاو فقط ..ليست إلا هواية...وقصتي عنوانها " ميكرو بص"


فصحي : أريدك أن تكتب عني وصديقتي قصتنا...هل توافق؟!

الفتي  : عزرا سيدتي...لا وقت لدي ...


أيها السائق توقف هنا...أريد النزول...


" توقفت السيارة ، نزل الفتي ، نظر مبتسما إليهما"


الفتى  : أظن أن أسمك فصحى وأنتي عاميه أليس كذلك!!؟


نظرت فصحي إلي عاميه تتعجب قالت : بلي!! كيف علمت ؟؟


الفتي : لا عليكِ ...لكن تذكري أن دمائك التي تجري فيكِ  الآن...ممزوجة بدماء صديقتك التي تجلس بجوارك!!!!


" إنطلق الميكروباص"


ما زالت السيدتان ينظران للفتي حتي توارىٰ ...


النهاية ...

...( ميكرو بص)....بقلم / محمد عيسى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق