الأحد، 24 أكتوبر 2021

ق ق بعنوان مقايضة ..ل سعاد شهيد

 قصة قصيرة بعنوان / مقايضة

تجري سكينة ، كفراشة تحلق في بستان ،  في عيونها بريق أحلام لغد جميل ،  يتراءى من بعيد ،  كانت ترسمه كل يوم لوسادتها ، فقد كانت كاتم اسرارها . وصلت سكينة البيت ،تصرخت  من الفرح " ماما انتهيت من امتحانات السنة السادسة إبتدائي " تمتمت الأم " إن شاء الله خير" لم ترفع رأسها ففي نظراتها حسرة ليل بهيم .

مرت الأيام و الطفلة البريئة تبني أحلامها ، لم تكن أحلاما ، كانت من حق كل طفل  ،لكنها كانت تراها أحلاما ، الحق في اكمال الدراسة ، و الخروج من القرية ، الذهاب للمدينة وووو

جاء يوم النتائج ، علقت اللوائح و كانت سكينة من بين الإوائل ،فقد كانت جد مجدة و نشيطة .

عادت من المدرسة  و الفرحة تغمرها ، أرادت تقاسمها مع أمها ،بدأت تصرخ من الباب كعادتها " ماما ماما لقد نجحت بتفوق ، كنت من الأوائل " بصوت ملائكي و براءة الطفولة..

لكن حمل أمها كان ثقيلا ، فقد أخبرها زوجها بأنه سيزوج إبنته الطفلة لاقطاعي بالبلدة، ليعفيه من ديونه ..

صمت الأم لم يستمر طويلا ،فجأة قالت " اسمعي سكينة بعد الآن مافي مدرسة و لا دار الطالبة ، ستتزوجين الأسبوع المقبل " 

كان كصفعة لم تستيقظ منها سكينة أبدا ، سيبيعون طفولتها ، أحلامها كل أمنياتها في سوق المزايدة ، ستباع بوصل أمان .

تذكرت سكينة قصة الراعي و الغنم و كيف شرحها أستاذها  ، حين قال غريب أمر الراعي ، يظل يحمي و يحرس خرفانه  يخاف عليها من الذئاب ، و في الأخير يأخذها للسوق للمزايدة عليها ، و يعود فرحا للبيت كأنه ، تخلص من حجر كان يثقل خطواته .

قالت سكينة محتجة " لا  أمي لا أريد الزواج هذا اغتصاب مازلت طفلة كيف تفكرون في تزويجي بهذه الطريقة " 

أجابت الأم بنبرة الحسرة و الحزن " إذا لم تتزوجي سيأخذون أبوك للسجن لأنه مدين له بمبلغ كبير " 

قالت سكينة " لست سلعة أمي ، أنا إبنتكم ، إنسان له رأي و كرامة ، و أنا مازلت طفلة ، مازلت قاصر أمي ، أحلامي ماتزال في المهد أمي " 

لم تهتم الأم لكلام الطفلة المصدومة لأنها تعرف أن زوجها قد أخذ قراره بمقايضة الطفلة بوصولات الأمان .

ذهبت الطفلة الصغيرة لمكان نومها ، ارتمت في أحضان الفراش الأرضي ، بدأت تستعرض أحلامها كأنها تودعها ، تخيلت نفسها في كرسي الاعدادية بوزرتها الوردية ، محفظتها على ظهرها ، تجري و تضحك مع رفيقاتها ، تخيلت أنها أصبحت أستاذة ، فهذا كان من بين أحلمها ...

حل الظلام نام الكل ، تأكدت سكينة من أن الكل نيام ، تسللت لغرفة معدات الزراعة  ، هناك مكان خاص بأدوية الأرض ، أخذت منها و عادت لمكانها .

تألمت ، اشتد عليها الوجع ، لكنها فضلت الرحيل في صمت ...

جثة هامدة أصبحت عروس المقايضة ، ماتت سكينة في سكون ليلة بيعت فيها براءة الطفولة .

سقطت ورقة المقايضة جثة باردة .

فهل كانت عبرة للأباء الذين يقايضون ديونهم بأحلام الطفولة ، أم أن النزيف سيستمر يسرق زهرات أكبادنا ...!؟

بقلمي /سعاد شهيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق