الجمعة، 15 أكتوبر 2021

حصير الشوك ص 21. بقلم الأديبة سمية مسعود

 يطأ المنذر ساحة المنزل وقد أخذ منه الجوع والحزن مأخذا كبيرا .فيحط على دكة  ظليلة  تحاذي حوض الصنبور ليستردّ أنفاسه التي تبخر شذاها مع حرا رة  الظهيرة.. 


تزخمه رائحة الدهن فيجول ببصره في الأرجاء ويلاحظ البياض الناصع الذي يلف المكان ويطبق على العيون .تمضي برهة ثم يعزم على غسل يديه بالماء والصّابون وسرعان ما ينتبه إلى غياب أمه فيناديها ليتبين وجهتها ويأتي الرد سريعا من غرفة دده  حليمه  فأتى الصوت على غير ما ألفه .يتجه المنذر نحو الغرفة مندهشا فالباب موصد  وأمه تحدثه من الفراش 

 فيتعمق إحساسه بالضيق. انها ماارتكنت إلى الراحة يوما ومااشتكت  التعب وإن اشتد بها بل و ما رضيت بالقعود أبدا. 

 يدفع الباب بقوة ويجثم على ركبتيه مرتعشا.   ففي غفلة من الواجب خرج من الدار دون أن ينتبه  لحالها أو أن يقضي لها حاجة. 

 يحدّق المنذر في والدته فيدرك أنها مريضة فوجهها شاحب ونظرها زائغ تخرج عن شفتيها الكلمات يتيمة و الأنفاس متقطعة  بينما تتكاسل أطرافها عن التفاعل. وكالطفل الحنون يحني رأسه على صدرها ويطلب منها الصفح وبسرعة البرق يعد لها الإفطار ويجهز لها حقنة السكري .


في الأثناء تتأجج حمم الغضب في نفس النوري فمنذ تأكده من صحة الخبر وشرايين جسمه تنتفض كالبركان وما وسعته الدار مكوثا  . فكانت الوجهة منزل أخته عسى الظروف تتيح له حلا .   كان يمشي الهوينى  وكأنه يحافظ على اتزانه أو يمهل نفسه الوقت الكافي لضبط القضية التي سيطرحها بحضرة أخته لتكون شاهد حق بينهما .

أثناء الطريق فكر مليّا في كل الاحتمالات وما قد يطرأ من مصاعب  على صعيد أفراد عائلته من الجانبين والتي تتعلق في مجملها بردة  فعل المنذر.  نعم . لأنه يذكر رغم حرصه القديم على كفالة  أخته وولدها ، ما غاب عنه يوما ما يكنّه له المنذر من إهمال ولا مبالاة .  المنذر ما دعاه قط بالخال  وما استشاره يوما في أمر.  وما جمع بينهما حوار إلا و كان عقيما .  كان النوري يلتمس له العذر لأنه يعتبره مغتصبا لنصيب أمه من الميراث. فما باله اليوم و قد اختطف منه حبيبة  قلبه لمياء .لقد تضاعفت الشقة وأصبح الأمر أكثر تعقيدا هذا ما يؤمن به النوري.  لكن المسألة لا تحتمل تأخيرا إضافيا.  ففضلا عن شرعية احتفاظه بصورة زوجته في هاتفه الشخصي  فالأمر متعلق بمستقبل ابنته . وكما يقال القدر رهين المنطق فإن سعاد طالما باحت له بيأسها من تحقق هذه الزيجة.  واليوم هو موعد الحسم فاما اتفاق او شقاق.


                     ص21

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق